لم تعد تحركات الشارع الجنوبي مجرّد تعبير احتجاجي عابر أو صرخة في وادٍ سحيق، بل تحوّلت مع نهاية عام 2025 إلى حالة سياسية مكتملة الأركان، تحمل دلالات عميقة حول نضج الوعي الجمعي الجنوبي.
هذا الوعي الذي انتقل من مرحلة “المطالبة بالحقوق” إلى مرحلة “تثبيت السيادة”، ليصبح الشعب هو الفاعل الرئيسي والرقم الأصعب في معادلة المشهدين المحلي والإقليمي، فارضًا أجندة استعادة دولة الجنوب العربي على طاولة القوى العظمى.
من الاحتجاج إلى صناعة الفعل: فلسفة التحول الجنوبي
تعكس الاعتصامات والفعاليات الشعبية المتواصلة في مختلف محافظات الجنوب العربي انتقالًا استراتيجيًا في القضية الجنوبية. فالمشهد اليوم يبعث برسائل سياسية واضحة لا تحتمل التأويل؛ حيث برهن الشعب الجنوبي على امتلاكه وعيًا وطنيًا متقدمًا، مكّنه من تحويل الإرادة الشعبية إلى موقف سياسي جامع.
أبرز سمات التحرك الشعبي في 2025:
الثبات الاستراتيجي: تجاوز الشعارات الآنية والمطالب الظرفية (خدمات، رواتب) إلى التمسك بالخيار الاستراتيجي وهو التحرر الوطني.
الشرعية الصلبة: تأسيس قاعدة جماهيرية تواكب الإنجازات الميدانية والعسكرية التي تحققها القوات المسلحة الجنوبية.
وحدة الخطاب: الحضور الجماهيري في عدن، حضرموت، المهرة، وشبوة يخرج بصوت واحد، مما يمنع أي محاولات لتمزيق النسيج الاجتماعي الجنوبي.
توقيت حساس: الشارع كصمام أمان أمام التدخلات الدولية
تكتسب هذه التحركات أهميتها من توقيتها البالغ الحساسية؛ حيث تجرى في عام 2025 نقاشات إقليمية ودولية مكثفة حول شكل التسوية النهائية. وهنا برز الحضور الشعبي الجنوبي كـ “صمام أمان” حقيقي:
منع الالتفاف: قطع الطريق أمام أي محاولات دولية لفرض حلول “منقوصة” أو إعادة إنتاج مشاريع اليمن الموحد بصيغ جديدة.
إثبات الأحقية: توضيح أن مستقبل الجنوب العربي ليس قابلًا للمساومة أو القفز عليه في أي ترتيبات إقليمية.
الفشل المحتوم للحلول المفروضة: رسالة الشارع واضحة: “أي حل لا يلبي تطلعاتنا مصيره الفشل في الميدان”.
الأمن الجنوبي “خط أحمر”: حماية المكتسبات العسكرية
شددت الاعتصامات والمليونيات الجنوبية على أن أمن الجنوب واستقراره يمثلان خطًا أحمر. يأتي هذا الموقف الشعبي دعمًا للنجاحات الكبيرة التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية في:
تثبيت الأمن ومكافحة الإرهاب في أبين وشبوة.
تطهير وادي وصحراء حضرموت والمهرة من مشاريع الفوضى.
قطع خطوط تهريب السلاح والمال للمليشيات الحوثية.
لقد أصبح المواطن الجنوبي يدرك أن “البندقية الجنوبية” هي الضامن الوحيد لسيادته، وأن العودة إلى مربعات الانفلات الأمني التي سبقت 2015 أمر مرفوض قطعيًا.
الصدى العالمي: مراكز الدراسات تراقب “المعجزة الجنوبية”
على الصعيد العربي والدولي، بدأت مراكز الدراسات ووسائل الإعلام الإقليمية تتوقف عند خصوصية الحالة الجنوبية. ويرى مراقبون دوليون أن:
الوضوح السياسي: الملف الجنوبي بات الأكثر وضوحًا من حيث المطالب (دولة مستقلة) والقيادة (المجلس الانتقالي)، في حين تعاني الملفات الأخرى من التشتت.
النضج السلمي: إصرار الجنوبيين على التعبير السلمي المنظم يعكس نضجًا سياسيًا، ويؤكد أن شعب الجنوب العربي يبحث عن استعادة دولته ضمن رؤية تحترم الأمن القومي العربي والاستقرار الدولي.
الرقم الأصعب في معادلة المستقبل
إن ما يشهده الجنوب العربي اليوم ليس مجرد تظاهرات، بل هو استفتاء شعبي متواصل على الهوية والوطن. إن الجنوب العربي يمتلك اليوم:
شعبًا موحدًا تحت راية واحدة.
مشروعًا واضح المعالم (دولة فيدرالية مدنية).
إرادة صلبة لا يمكن تجاوزها أو الالتفاف عليها.
رسالة الساحات في 2025 موجهة للجميع: “أي ترتيبات مستقبلية لا تنطلق من تطلعات شعب الجنوب العربي، ولا تحترم تضحياته وخياراته الوطنية، ستصطدم بجدار صلب من الإرادة الشعبية”. لقد أثبت الجنوبيون أنهم الرقم الأصعب، وأن قطار الاستقلال قد غادر المحطة بضمانة الشعب وحماية السلاح.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا
















