في مشهد وطني لافت هيمن على المشهد العام في العاصمة عدن، شهدت ساحة الاعتصام المفتوح بمديرية خور مكسر، اليوم الأحد، حدثًا جماهيريًا استثنائيًا تمثل في وصول حشود ضخمة وغير مسبوقة من أبناء “يافع” (المدد والسند).
ورسمت الحشود لوحة وطنية مهيبة فاقت كل التوقعات، عاكسةً عمق الحضور الشعبي واتساع رقعة التفاعل الجماهيري مع القضية الجنوبية ومطالبها السياسية المصيرية في لحظة فارقة من تاريخ الجنوب.
ساحة العروض: نبض الثورة وتفويض القيادة
منذ الساعات الأولى للفجر، توافدت الجماهير اليافعية إلى ساحة العروض بالعاصمة عدن، رافعةً الأعلام الوطنية الجنوبية، ومرددةً هتافات ثورية هزت أركان المدينة. وحمل هذا الزحف رسالة سياسية واضحة مفادها “التفويض الشعبي الكامل” للقيادة السياسية الجنوبية، ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، للمضي قدمًا نحو إعلان دولة الجنوب العربي كاملة السيادة.
واكتظت الساحة عن آخرها بالحشود القادمة من مختلف مديريات يافع، يرافقهم أبناء العاصمة عدن ومحافظات الجنوب الأخرى، في مشهد جسد حجم الالتفاف الشعبي غير المسبوق حول خيار استعادة الدولة وحق تقرير المصير.
رسائل القادة من فوق منصة الاعتصام
تعددت الكلمات التي أُلقيت في الفعالية، لكنها توحدت في الهدف والمضمون، حيث ألقى القادة العسكريون والسياسيون كلمات ألهبت حماس المعتصمين:
العميد محسن الوالي: القوات المسلحة حامية الإرادة
أشاد العميد محسن الوالي، قائد قوات الأحزمة الأمنية، بالزخم الشعبي المتصاعد، مؤكدًا أن يافع جاءت لتضع ثقلها التاريخي خلف القيادة السياسية. وشدد الوالي على أن القوات الأمنية والعسكرية الجنوبية ستظل الحاضن الأمين لإرادة الشعب والحامي لمطالبه المشروعة حتى تحقيق كامل الأهداف الوطنية.
الشيخ عبد الرب النقيب: لا مساومة على السيادة
ألقى عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، وشيخ مشايخ يافع، الشيخ عبد الرب النقيب، كلمة تاريخية أكد فيها أن يافع كانت وستظل في مقدمة الصفوف دفاعًا عن الهوية والكرامة. وأوضح أن الحشود جاءت لتقول للعالم بوضوح: “لا تراجع عن استعادة الدولة، ولا مساومة على دماء الشهداء مهما كانت التحديات”.
العميد منصر عاطف وأبو همام: الجاهزية والاستفتاء الشعبي
أكد العميد منصر عاطف، قائد قوات الدعم والإسناد، أن ما يحدث في الساحة هو “استفتاء شعبي حي” على خيار الاستقلال. ومن جانبه، دعا القائد أبو همام، رئيس مجلس المقاومة الجنوبية، إلى رص الصفوف والاصطفاف الوطني خلف القيادة الجنوبية لانتزاع الحقوق، مؤكدًا أن الجنوب اليوم بات أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق حلمه.
الأبعاد الاستراتيجية لزحف أبناء يافع نحو عدن
يرى مراقبون سياسيون أن وصول حشود يافع إلى عدن في اليوم الخامس عشر للاعتصام المفتوح يعزز من الموقف التفاوضي للمجلس الانتقالي الجنوبي ويؤكد على الحقائق التالية:
الوحدة الوطنية الجنوبية: تلاشي المراهنات على شق الصف الجنوبي وتأكيد التلاحم بين مختلف المناطق.
الجاهزية الشعبية: قدرة الشارع الجنوبي على التحشيد السلمي المنظم والمستدام.
الشرعية الثورية: استمداد القيادة السياسية قوتها من هذا الزخم المليوني المتواصل.
الاستمرارية والوعي: ملامح المرحلة القادمة
يعكس استمرار الاعتصام لليوم الخامس عشر على التوالي وسط أجواء تنظيمية وأمنية مستقرة مستوىً عاليًا من الوعي الشعبي. فالشارع الجنوبي اليوم لا يطالب بتحسين خدمات أو إصلاحات جزئية، بل يطالب بكيان سياسي مستقل يضمن له العيش الكريم وحماية مقدراته. إن هذا الوعي هو الضمانة الحقيقية لحماية المكتسبات الوطنية ومنع أي محاولات للالتفاف على تطلعات الشعب.
إرادة شعب لا تقهر
لقد أثبتت حشود يافع في العاصمة عدن أن خيار إعلان دولة الجنوب العربي بات إرادة شعبية عارمة تتجاوز الشعارات لتصبح واقعًا مفروضًا على الأرض. إن التلاحم بين الإرادة الشعبية والقيادة السياسية والعسكرية يرسم ملامح الفجر الجديد للجنوب العربي، وسط ترقب إقليمي ودولي لهذا الحراك الذي لا يهدأ.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا

















