لم تعد قضية الجنوب العربي مجرد ملف محلي أو سجال سياسي داخلي ضمن تعقيدات الأزمة اليمنية، بل تحولت في عام 2025 إلى حجر زاوية في حسابات الاستقرار الإقليمي والدولي.
ومع تصاعد التوترات في ممرات الملاحة العالمية، يبرز الجنوب العربي كمعادلة استراتيجية لا يمكن تجاوزها، ليس كطرف في نزاع على سلطة، بل كشعب يمتلك مشروعية تاريخية وقانونية لاستعادة دولته المسلوبة.
الجنوب العربي.. كيان سياسي لا يقبل الاختزال
من الخطأ الفادح اختزال القضية الجنوبية في كونها حراكًا سياسيًا طارئًا أو حالة احتجاجية مؤقتة؛ فالجنوب العربي يمتلك جذورًا ضاربة في التاريخ ككيان سياسي مستقل. قبل حرب صيف 1994، كانت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية دولة ذات سيادة كاملة، وعضوًا فاعلًا في الأمم المتحدة والجامعة العربية.
إن ما يطالب به الجنوبيون اليوم، بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ليس “انفصالًا” بالمعنى القانوني، بل هو استعادة لوضع قانوني سابق وتصحيح لمسار تاريخي تم تشويهه بقوة السلاح. هذه المشروعية تجعل من قضية الجنوب قضية “حق ووجود” تتجاوز أي حسابات سياسية ضيقة.
الإجماع الشعبي: تفويض يتجاوز النخب
تجاوز الحراك الجنوبي مرحلة النخب السياسية ليتحول إلى إجماع مجتمعي شامل. فمن المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا، أعلنت القبائل والنقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني تلاحمها خلف هدف واحد. هذا التفويض الشعبي للرئيس عيدروس الزُبيدي أسقط كافة الرهانات على تفكيك الصف الجنوبي، وأثبت أن إرادة الشعب هي المحرك الفعلي للقرار السياسي.
عوامل القوة التي يمتلكها الجنوب اليوم:
السيطرة على الأرض: تواجد فعلي للقوات الجنوبية في كافة المحافظات السيادية.
القوة العسكرية المنظمة: جيش احترافي أثبت كفاءته في معارك تحرير الجنوب ومكافحة الإرهاب.
الحاضنة الشعبية الصلبة: إجماع جماهيري يحمي المكتسبات السياسية ويرفض أي حلول قسرية.
الإدارة الواقعية: قدرة المجلس الانتقالي على إدارة المؤسسات في ظل ظروف استثنائية.
القوات المسلحة الجنوبية.. شريك موثوق في مكافحة الإرهاب
لقد برهنت الوقائع الميدانية في عام 2025 أن القوات المسلحة الجنوبية هي القوة الوحيدة القادرة على تأمين الممرات الملاحية الدولية في خليج عدن وباب المندب. ومن خلال عمليات نوعية مثل “المستقبل الواعد”، نجحت هذه القوات في:
تطهير أوكار التنظيمات الإرهابية (القاعدة وداعش) في أبين وشبوة ووادي حضرموت.
تفكيك شبكات تهريب السلاح والمخدرات التي تهدد الأمن القومي العربي.
تأمين خطوط الملاحة الدولية من التهديدات العابرة للحدود.
هذا الدور المحوري جعل من الجنوب شريكًا استراتيجيًا موثوقًا للمجتمع الدولي في معركة تثبيت الأمن العالمي.
المشروعية القانونية وحق تقرير المصير
تستند مطالب استعادة دولة الجنوب العربي إلى مبادئ راسخة في القانون الدولي. فاتفاقية فيينا للمعاهدات (1969) تمنح الأطراف حق التحلل من الاتفاقيات في حال الإخلال الجوهري ببنودها، وهو ما حدث فعليًا بالانقلاب على مشروع الوحدة في 1994.
إن حق تقرير المصير للشعب الجنوبي هو مقاربة قانونية تهدف لحماية شعب تعرض للإقصاء والتمييز المنهجي لثلاثة عقود. والاعتراف بهذه الإرادة لا يشكل تهديدًا، بل هو استثمار حقيقي في السلام، يؤسس لعلاقة ندية ومتوازنة بين دولتين جارتين تعيشان في أمن وازدهار.
استقرار المنطقة.. يبدأ من عدن
تؤكد التحليلات السياسية لعام 2025 أن أي محاولة لتجاوز تطلعات شعب الجنوب في أي تسوية سياسية قادمة محكومة بالفشل الذريع. فالجنوب المستقر، القوي بمؤسساته ودولته، هو “حزام الأمان” لدول الجوار والجزيرة العربية. إن استعادة الدولة الجنوبية ستؤدي إلى:
إغلاق ملفات الصراع التاريخية بشكل نهائي.
تحويل المنطقة من ساحة نفوذ للمليشيات إلى منطقة جذب استثماري.
تعزيز العمل العربي المشترك وحماية الهوية العروبية للمنطقة.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا
















