في لحظة تاريخية فارقة يترقبها الملايين، يقف شعب الجنوب العربي اليوم على أعتاب مرحلة جديدة كليًا، تتوج مسيرة نضالية امتدت لأكثر من ثلاثة عقود.
فمنذ احتلال الجنوب في صيف عام 1994، لم تتوقف عجلة المقاومة الجماهيرية والسياسية، وصولًا إلى الواقع الحالي الذي يفرض فيه الجنوبيون سيادتهم على الأرض ومؤسسات الدولة، مؤكدين أن محطة إعلان الدولة الجنوبية كاملة السيادة باتت أقرب من أي وقت مضى.
عقود النضال: من المقاومة الشعبية إلى التمكين المؤسسي
لم تكن المسيرة الجنوبية نحو الاستقلال وليدة اللحظة، بل هي تراكم لنضال مستمر واجه كافة أشكال القمع والتهميش. ويرصد المحللون ثلاث محطات رئيسية في هذا المسار:
مرحلة الرفض والمقاومة (1994 – 2007): بدأت بالرفض الشعبي لنتائج الحرب الظالمة، وتأسيس حركات المقاومة السلمية الأولى.
انطلاق الحراك الجنوبي (2007 – 2015): وهي المرحلة التي شهدت خروج الملايين في الساحات، معلنةً للعالم أن القضية الجنوبية هي قضية شعب ودولة، وليست مجرد مطالب حقوقية.
مرحلة التحرر وبناء المؤسسات (2015 – 2025): بدأت بدحر الغزو الحوثي وتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي ككيان سياسي موحد يقود تطلعات الشعب نحو الاستقلال.
فرض السيادة: تأمين الشرق يكمل لوحة الاستقلال
شكلت التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة حجر الزاوية في الاقتراب من محطة إعلان الدولة. إن إحكام القوات المسلحة الجنوبية السيطرة على وادي وصحراء حضرموت وتأمين الحدود الشرقية في المهرة، لم يكن مجرد نصر عسكري، بل هو إعلان رسمي عن اكتمال السيطرة على الجغرافيا الوطنية الجنوبية، وتأمين الموارد السيادية التي تمثل عصب الدولة القادمة.
لماذا عام 2025 هو عام الحسم؟
تتظافر عدة عوامل تجعل من العام الحالي المنعطف الأخير نحو استعادة الدولة:
التفويض الشعبي والقبلي: شهدت ساحات الاعتصام في عموم المحافظات تلاحمًا غير مسبوق، حيث أعلنت كبرى القبائل والنقابات والمنظمات انحيازها الكامل للمجلس الانتقالي برئاسة الرئيس عيدروس الزُبيدي.
الشرعية المؤسسية: بدأ العالم يتعامل مع عدن كعاصمة قرار مستقلة، مع تزايد الاعتراف بالدور المحوري للقوات الجنوبية في مكافحة الإرهاب وتأمين الملاحة الدولية في خليج عدن وباب المندب.
انهيار المنظومة المركزية: أثبتت التجربة العملية أن العودة لنموذج الوحدة بات مستحيلًا في ظل الفجوة العميقة بين الشمال والجنوب وتفكك مؤسسات الدولة المركزية.
رؤية الدولة الجنوبية الفيدرالية القادمة
لا يسعى الجنوبيون لمجرد الانفصال، بل لبناء دولة فيدرالية حديثة تقوم على أسس:
العدالة والمواطنة: إنهاء إرث الإقصاء والتمييز الذي مارسه الاحتلال اليمني لثلاثة عقود.
التوزيع العادل للثروة: ضمان استفادة كل محافظة من مواردها (خاصة حضرموت وشبوة والمهرة).
الشراكة الدولية: أن تكون دولة الجنوب العربي صمام أمان للاستقرار الإقليمي وشريكًا فاعلًا في حماية المصالح الدولية.
نبض الشارع: الاستعداد لليوم الكبير
تؤكد التقارير الميدانية، ومنها ما نشره “المشهد العربي”، أن الروح المعنوية في الشارع الجنوبي في أعلى مستوياتها. فبرغم حرب الخدمات والضغوط الاقتصادية، يرى المواطن الجنوبي أن هذه المعاناة هي “ثمن الحرية” الأخير، وأن الفرج سيبدأ مع إعلان السيادة الكاملة التي ستسمح للجنوب بإدارة ثرواته وتحسين مستوى معيشة أبنائه بعيدًا عن هيمنة مراكز النفوذ في صنعاء.
إن وصول شعب الجنوب إلى هذه المرحلة المتقدمة هو نتاج تضحيات قوافل من الشهداء والجرحى. وتصحيح المسار التاريخي لم يعد مجرد حلم، بل أصبح واقعًا تفرضه المعطيات على الأرض. الجنوب اليوم يمتلك الجيش، والقيادة، والاعتراف الشعبي، وهو ما يجعل من إعلان الدولة مسألة وقت وإجراءات بروتوكولية، ليعود الجنوب العربي حرًا أبيًا كما كان دائمًا.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا















