لم تكن النجاحات العسكرية التي سطرتها القوات المسلحة الجنوبية في وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة مجرد تحرك ميداني عابر، بل مثلت نقطة تحول استراتيجي في مسار القضية الجنوبية
ومع حلول عام 2025، انتقل مشروع الجنوب العربي بقيادة الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي من مرحلة “فرض الوجود” إلى مرحلة “تثبيت مؤسسات الدولة”، واضعًا حدًا لسنوات من العبث الأمني والفوضى الممنهجة.
حسم وادي حضرموت والمهرة: إنهاء “فراغ التهريب”
لسنوات طويلة، عانى وادي حضرموت ومحافظة المهرة من واقع فُرض بالقوة، حوّل هذه المناطق الاستراتيجية إلى ممرات مفتوحة للتهريب وتغذية المشاريع المعادية. جاء التدخل العسكري الجنوبي كاستجابة لمطالب شعبية وقبلية عريضة نادت برحيل القوات التي لا تنتمي للأرض.
لقد وضع الحسم الميداني حدًا لشبكات التهريب التي كانت تخدم المليشيات الحوثية والجماعات الإرهابية، مما عزز أمن المواطن الجنوبي واستقرار الإقليم بشكل عام.
استراتيجية 2025: أمن المحافظات بأيدي أبنائها
تعتمد رؤية القيادة السياسية الجنوبية لعام 2025 على مبدأ “الأمن الموطن”، وهو بناء منظومة أمنية مهنية من أبناء حضرموت والمهرة أنفسهم. هذا الخيار ليس أمنيًا فحسب، بل هو قرار سياسي واجتماعي بامتياز يهدف إلى:
تعزيز السيادة المحلية: إعطاء أهل الأرض الحق في حماية مناطقهم.
تفكيك ذرائع الإقصاء: إنهاء عقود من التهميش الذي عانى منه الكادر الجنوبي في هذه المناطق.
حماية النسيج الاجتماعي: توظيف الوعي القبلي والجغرافي في مكافحة الجريمة والإرهاب.
عقيدة “رجل الدولة”: الزُبيدي وإدارة التوازنات
أثبت الرئيس عيدروس الزُبيدي قدرة فائقة على إدارة الملفات المعقدة بعقلية “رجل الدولة” لا “قائد الغلبة”. من خلال احترام الخصوصية المحلية لحضرموت والمهرة وإشراك القيادات المجتمعية، تحول المنجز العسكري إلى مكسب سياسي وشعبي واسع، مما عزز الثقة في مشروع استعادة الدولة الجنوبية الفيدرالية.
الأمن القومي والملاحة الدولية: الجنوب كفاعل إقليمي
لم تغب الأبعاد الدولية عن تحركات القيادة الجنوبية؛ فالتنسيق العالي مع التحالف العربي، واللقاءات المكثفة مع قيادة القوات المشتركة، رسخت مكانة الجنوب كشريك دولي لا يمكن تجاوزه في تأمين الملاحة الدولية ومواجهة التمدد الإيراني عبر الحوثيين.
رسالة الجنوب للعالم في 2025 واضحة: “استقرار المنطقة يمر حتمًا عبر تمكين مشروع الدولة الجنوبية المستقلة”.
معركة الخبز والخدمات: الأمن بمنظور شامل
تدرك القيادة الجنوبية أن الانتصار العسكري لا يكتمل دون استقرار معيشي. لذا، وُضعت ملفات التعافي الاقتصادي في الصدارة عبر:
ضبط أسعار الصرف ومكافحة الاحتكار في الأسواق.
توفير الخدمات الأساسية (كهرباء، مياه، غاز منزلي).
تفعيل الرقابة والمساءلة الإدارية لمكافحة الفساد وتثبيت الكادر البشري.
وحدة الهدف: التنسيق لمواجهة الخطر الحوثي
رغم التركيز على البناء الداخلي، ظل الموقف من المليشيات الحوثية حازمًا. أكد الرئيس الزُبيدي أن القضاء على الحوثيين أولوية وطنية، وجاء التنسيق مع القوى المواجهة (مثل الفريق طارق صالح) ليؤكد أن معركة الخلاص الشاملة تتطلب قرارًا موحدًا وإرادة صلبة.
من إدارة الصراع إلى صناعة المستقبل
إن ما يشهده الجنوب اليوم هو عملية تحول تاريخي؛ فبعد أن كان التحرير ضرورة أمنية، أصبح اليوم مدخلًا لبناء دولة المؤسسات. الجنوب العربي في 2025 لم يعد يدافع عن وجوده فحسب، بل يرسخ سيادته كواقع سياسي وجغرافي لا يقبل الالتفاف.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا















