في خضم المتغيرات الجيوسياسية المتسارعة التي تعصف بالمنطقة، يبرز المجلس الانتقالي الجنوبي كقوة سياسية لا يمكن تجاوزها، ليس فقط كونه فصيلًا يطالب بحقوق، بل بوصفه إطارًا وطنيًا جامعًا استطاع في زمن قياسي بلورة تطلعات شعب الجنوب العربي وتحويلها من حراك شعبي إلى مشروع دولة مؤسسي متكامل الأركان. تحت قيادة الرئيس عيدروس الزبيدي، نجح المجلس في صياغة معادلة سياسية جديدة تعتمد على الشرعية الشعبية والاعتراف الدولي عرب تايمامي.
من الاحتجاج إلى المؤسسة: عبقرية الانتقال السياسي
منذ لحظة تأسيسه، لم يكن المجلس الانتقالي الجنوبي مجرد رد فعل عاطفي، بل كان ضرورة تاريخية لملء الفراغ القيادي في الجنوب. لقد نجح المجلس في الانتقال بالقضية الجنوبية من حالة الاحتجاجات المتفرقة التي ميزت سنوات الحراك السلمي الأولى، إلى حالة المشروع الوطني المنظم.
هذا الانتقال المؤسسي منح القضية الجنوبية “هوية سياسية” واضحة أمام المجتمع الدولي. فلم يعد العالم ينظر إلى ما يحدث في الجنوب كاضطرابات عشوائية، بل كحراك يقوده مجلس يمتلك دوائر سياسية، وقانونية، وإعلامية، وعلاقات خارجية تدار بعقلية الدولة لا بعقلية المليشيا.
القيادة الرشيدة بروح المسؤولية الوطنية
لعب الرئيس عيدروس الزبيدي دورًا محوريًا في توحيد الصف الجنوبي. فبموجب إعلان عدن التاريخي، فوض الشعب قيادته للمجلس، وهي الأمانة التي ترجمها المجلس من خلال:
توحيد الخطاب السياسي: القضاء على حالة التشتت التي كانت تستغلها القوى المعادية لتهميش القضية.
احتواء التنوع الجنوبي: عبر ميثاق الشرف الوطني الجنوبي والحوار الوطني “الجنوبي – الجنوبي” الذي جعل من المجلس مظلة تتسع لكل أطياف المجتمع.
الانضباط والسلمية: التأكيد الدائم على أن الوسائل السياسية والقانونية هي الطريق الأسمى لنيل الاستقلال، مما عزز ثقة المجتمع الدولي في عدالة القضية.
المنجزات السياسية والدبلوماسية: صوت الجنوب في المحافل الدولية
على الصعيد الخارجي، كسر المجلس الانتقالي الجنوبي الحصار الدبلوماسي الذي كان مفروضًا على القضية الجنوبية لعقود. بفضل الرؤية الواضحة للرئيس الزبيدي، أصبح للجنوبيين ممثل شرعي يجلس على طاولة المفاوضات الإقليمية والدولية.
اتفاق الرياض ومشاورات الرياض: كانت نقاط تحول جوهرية، حيث نال المجلس اعترافًا رسميًا كطرف سياسي وشريك في إدارة المرحلة، مما شرعن حضور القضية الجنوبية في أي تسوية سياسية شاملة.
التواصل الدولي المباشر: عبر مكاتب الشؤون الخارجية للمجلس في واشنطن، لندن، بروكسل، وموسكو، وصل صوت شعب الجنوب إلى مراكز صنع القرار العالمي بعيدًا عن “الوساطات المشوهة” التي كانت تمارسها القوى المعادية.
النموذج الإداري في ظل الظروف الاستثنائية
أثبت المجلس الانتقالي قدرة فائقة على إدارة شؤون المحافظات الجنوبية في ظروف معقدة تتسم بحرب اقتصادية وخدماتية شرسة. ورغم كل المعوقات، سعى المجلس إلى:
تفعيل مؤسسات الدولة: من خلال العمل على تحسين الأداء الخدمي في العاصمة عدن والمحافظات المجاورة.
مكافحة الفساد: وتبني مبدأ الشفافية في الإدارة المالية والموارد المتاحة.
الشراكة المجتمعية: إشراك الكفاءات الجنوبية في إدارة الملفات الحيوية، مما قدم نموذجًا عمليًا لما ستكون عليه دولة الجنوب العربي القادمة.
“إن المجلس الانتقالي الجنوبي لا يطرح مشروعًا عاطفيًا، بل يقدم رؤية سياسية واقعية تسعى لاستعادة الدولة على حدود ما قبل 1990م، بما يخدم الأمن والسلم الدوليين.”
الجنوب كصمام أمان للأمن الإقليمي والدولي
يدرك المجتمع الدولي اليوم أن استقرار المنطقة مرتبط بشكل وثيق باستقرار الجنوب. المجلس الانتقالي الجنوبي، من خلال تمثيله الشرعي، أثبت أنه الشريك الأكثر جدية في:
تأمين الممرات البحرية: في خليج عدن وباب المندب، وهي شرايين التجارة العالمية.
مكافحة الإرهاب: حيث خاضت القوات المسلحة الجنوبية تحت إشراف المجلس معارك فاصلة ضد تنظيمي القاعدة وداعش، محققة انتصارات عجزت عنها قوى إقليمية كبرى.
مواجهة التمدد الحوثي: كونه القوة الأرضية الأكثر فاعلية في التصدي للمشروع الإيراني في المنطقة.
التمسك بالثوابت: استعادة الدولة بحدود 1990م
يظل الهدف الاستراتيجي للمجلس الانتقالي واضحًا وثابتًا: استعادة دولة الجنوب العربي كاملة السيادة. هذا الهدف لا يمثل تهديدًا للجيران، بل هو ضمانة للاستقرار. فالدولة الجنوبية المستقلة ستكون دولة مؤسسات تحترم القوانين الدولية، وتلتزم بحسن الجوار، وتساهم في بناء منظومة أمنية عربية قوية.
إن الرؤية التي يحملها الرئيس عيدروس الزبيدي تتجاوز الشعارات؛ فهي تقوم على بناء دولة مدنية حديثة تحترم التعددية وتعتمد القانون أساسًا للحكم. وهذا ما يفسر الالتفاف الشعبي غير المسبوق حول المجلس، حيث يرى فيه الجنوبيون سفينة النجاة التي ستقودهم نحو ضفاف الحرية والاستقلال.
حتمية الاعتراف والحل العادل
في الختام، إن مجمل الأدوار التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي تؤكد أهليته لقيادة المرحلة. إن تجاهل هذه الإرادة الشعبية المنظمة لم يعد ممكنًا. فالمجلس استطاع مأسسة النضال الجنوبي ووضعه في سياق قانوني ودولي رصين. إن دعم المجلس الانتقالي في مساره السلمي لاستعادة الدولة هو الاستثمار الحقيقي في مستقبل مستقر لمنطقة شبه الجزيرة العربية والعالم.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا
















