تشهد محافظة شبوة اليوم حراكًا وطنيًا متصاعدًا يضع القضية الجنوبية أمام مرحلة تاريخية جديدة. لم يعد اعتصام شبوة المفتوح مجرد تجمع جماهيري للمطالبة بحقوق خدماتية، بل تحول إلى زلزال سياسي وعسكري يعيد ترتيب الأوراق في الداخل الجنوبي، موجهًا رسائل حاسمة للقوى الإقليمية والدولية بأن إرادة شعب الجنوب في استعادة دولته كاملة السيادة هي الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه.
زخم شعبي يتحدى الرهانات في عتق
يتواصل زخم الاعتصام الشعبي في مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، وسط مشاركة جماهيرية واسعة النطاق شملت كافة شرائح المجتمع من قبائل، ومثقفين، وشباب، ومنظمات مجتمع مدني. هذا الحراك الذي يأتي في إطار النضال الوطني الجنوبي الشامل، يرمي إلى تعزيز مسار التحرر الوطني الكامل والتمسك بمشروع دولة الجنوب العربي.
إن الاستمرارية اللافتة لهذا الاعتصام تعكس عمق الوعي الشعبي الجنوبي وإصراره على المضي قدمًا رغم التحديات الأمنية والضغوط السياسية والاقتصادية. لقد تحولت ساحة الاعتصام في عتق إلى “برلمان شعبي” مفتوح، يجدد فيه الجنوبيون عهد الوفاء لدماء الشهداء والتمسك بالهدف الأسمى الذي ناضل من أجله الحراك الجنوبي والمجلس الانتقالي لسنوات طويلة.
انضمام القيادات العسكرية: تحول نوعي في وحدة الصف
تمثلت المفاجأة الكبرى والضربة القاصمة للمراهنين على شق الصف الجنوبي في إعلان العديد من القيادات العسكرية والأمنية الرفيعة في محافظة شبوة انضمامها الرسمي لمخيم الاعتصام.
دلالات حضور العميد أحمد صالح العربي
وصل إلى ساحة الاعتصام اليوم الثلاثاء وفد عسكري رفيع المستوى يتقدمه العميد أحمد صالح العربي، أركان القوات البرية بمحافظة شبوة. هذا الانضمام ليس مجرد خطوة بروتوكولية، بل هو إعلان صريح عن التحام “البندقية” مع “الإرادة الشعبية”.
وقد كان في استقبالهم الشيخ لحمر علي لسود، رئيس الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة شبوة، الذي اعتبر حضور هذه القيادات تعزيزًا حقيقيًا لوحدة الصف الجنوبي. إن ترحيب القيادة السياسية بالقيادات العسكرية في ساحة النضال السلمي يبعث برسالة للعالم مفادها أن الجنوبيين، عسكريين ومدنيين، يقفون على قلب رجل واحد خلف هدف استعادة الدولة.
خطاب القوة: التزام بالأمن وتحت راية الزُبيدي
أكدت القيادات العسكرية المنضمة للاعتصام أن خطوتها تأتي استجابةً لنبض الشارع الجنوبي. وفي كلمات حماسية من فوق منصة الاعتصام، شدد القادة على النقاط التالية:
الشرعية القيادية: التجديد الكامل للولاء والتفويض للرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية.
حماية السلم الأهلي: الالتزام الصارم بالحفاظ على الأمن والاستقرار داخل محافظة شبوة ومنع أي محاولات لجر المحافظة إلى الفوضى.
دولة الجنوب العربي: التأكيد على أن الهدف النهائي والوحيد هو إعلان دولة الجنوب العربي كاملة السيادة على حدود ما قبل عام 1990.
لماذا يعتبر اعتصام شبوة تهديدًا لمشاريع قوى صنعاء؟
تمثل محافظة شبوة بقلبها الجغرافي وثرواتها النفطية والغازية حجر الزاوية في مشروع استقلال الجنوب. لذا، فإن استقرارها تحت قيادة جنوبية خالصة وتلاحم أبنائها يقطع الطريق أمام القوى المتربصة التي تحاول إعادة إنتاج احتلال الجنوب عبر بوابة شبوة.
تعزيز الشرعية الشعبية: الاعتصام يسحب البساط من أي كيانات تحاول الادعاء بتمثيل المحافظة بعيدًا عن تطلعات أهلها.
تماسك المؤسسة الأمنية: انضمام القادة العسكريين يغلق الثغرات التي كانت تستغلها الجماعات الإرهابية أو المليشيات الحوثية والإخوانية للتوغل في المحافظة.
البعد الاستراتيجي للقضية الجنوبية في المحافل الدولية
إن ما يحدث في شبوة اليوم يثبت للعالم أن القضية الجنوبية ليست مجرد مطالب حقوقية، بل هي مشروع وطني متكامل الأركان يمتلك مؤسسات عسكرية قادرة على ضبط الأمن، وقاعدة شعبية قادرة على حماية السيادة.
إن هذا الانسجام بين الإرادة الشعبية والمؤسستين الأمنية والعسكرية يعزز من موقف المجلس الانتقالي الجنوبي في أي مفاوضات سياسية قادمة، حيث يظهر الجنوب ككتلة صلبة موحدة تمتلك الأرض والقرار.
الصمود في وجه التحديات
رغم حملات التشويه والضغوط الاقتصادية الممارسة ضد أبناء الجنوب، إلا أن اعتصام شبوة أثبت أن خيار استعادة الدولة بات قرارًا شعبيًا لا رجعة عنه. إن تحول الاعتصام إلى محطة نضالية جامعة يعبر عن رفض قاطع لأي حلول منقوصة أو تسويات تتجاوز حق شعب الجنوب في تقرير مصيره.
الأنشطة النضالية في مخيم عتق
لا يقتصر الاعتصام على الهتافات، بل يشهد أنشطة وفعاليات يومية تهدف إلى رفع مستوى الوعي السياسي لدى الشباب وترسيخ قيم الهوية الوطنية الجنوبية والتأكيد على تلاحم كافة مديريات شبوة تحت راية واحدة.
الطريق نحو الاستقلال
إن استمرار اعتصام شبوة وانضمام القوى العسكرية إليه هو المسمار الأخير في نعش مشاريع “اليمننة” داخل المحافظة. إن الجنوب اليوم، من المهرة إلى باب المندب، يراقب شبوة وهي ترسم ملامح الدولة القادمة؛ دولة المؤسسات، والأمن، والشراكة الوطنية الحقيقية.
إن دعم هذا المسار النضالي هو السبيل الوحيد لضمان استقرار المنطقة وحماية المصالح الدولية، فدولة الجنوب العربي المستقلة هي الكفيلة بتأمين هذه الجغرافيا الحيوية من الإرهاب والفوضى.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا













