
صحيفة المكلا (العرب تايم)
كشفت المعركة التي يخوضها البنك المركزي اليمني لتنظيم القطاع المصرفي والمالي، عن حجم التلاعب الحوثي في سوق الصرف، والذي تراوح بين المضاربة وتهريب العملة.
بعد قرارات جريئة هدفت إلى تشديد الضغوط الاقتصادية على ميليشيات الحوثي، وتوحيد العملة الوطنية، والحد من انهيار الريال اليمني، ومنع عمليات غسيل الأموال الحوثية، اتجه البنك المركزي اليمني نحو تنظيم سوق الصرف.
أوقف البنك المركزي اليمني خلال هذا الأسبوع تراخيص 15 شركة ومنشأة صرافة، وذلك ضمن إجراءات تنظيمية للعملية المالية والمصرفية في البلاد وبناء على تقارير قطاع الرقابة في البنك المعترف به دوليا.
وكان آخر تلك القرارات اليوم الخميس، والتي قضت بإيقاف تراخيص 5 شركات ومؤسسات صرافة، وهي “شركة حوام للصرافة”، و”شركة بيور موني للصرافة”، و”مؤسسة توب توب للصرافة”، و”مؤسسة السهم الأسرع للصرافة”، و”مؤسسة القاسمي إكسبرس للصرافة”.
وفي تعز أغلقت نيابة الأموال العامة نحو 21 محل صرافة تعمل بشكل غير قانوني وبدون تراخيص بعضها أغلق بأحكام قضائية وتمت عملية الإغلاق باستخدام اللحام على البوابات، بحسب مصادر إعلامية.
المجربي مثالا:
يقوم قطاع الرقابة في البنك المركزي اليمني بجولات ميدانية مفاجئة على شركات ومؤسسات الصرافة في المناطق اليمنية المحررة لضبط الجهات المخالفة المتورطة في المضاربة بالعملة والتي أدت إلى انهيار العملة الوطنية بالإضافة إلى تورطها في تهريب العملة.
ومن أبرز تلك الشركات المتوقفة شركة المغربي للصرافة التي لجأت إلى فبركة قضية تحكيم وهمية للالتفاف على قرارات البنك المركزي اليمني قبل أن يخرج الأخير ويكشف عن تعاملاته المشبوهة في سوق الصرف.
وزعمت الشركة التي تتخذ من مأرب مقراً لها، أن البنك المركزي اليمني تراجع عن قرار تعليق عملها وأرسل وفداً للتحكيم قبلياً، وهو ما دفع البنك المركزي في مأرب إلى كسر صمته والتهديد بمقاضاتها بسبب “هذه الادعاءات الكاذبة”.
وفي بيان اطلعت عليه “العين الإخبارية”، اتهم فرع البنك المركزي اليمني بمحافظة مأرب، شركة المغربي للصرافة التي تم إيقافها، بتهريب “أموال نقدية عبر الأبواب الخلفية بمبالغ كبيرة تتجاوز أكثر من مليار ونصف المليار ريال يمني”.
وأكد البيان أن البنك المركزي اتخذ كافة الإجراءات التنفيذية لقرار الإغلاق بحضور النيابة العامة وبالطرق القانونية المعروفة، بعد أن رفضت شركة المغربي للصرافة فتح أبوابها أمام ممثلي النيابة العامة والبنك المركزي المكلفين بالرقابة على البنوك والشركات ورصد أي مخالفات.
وأوضح أنه إضافة إلى قيام الشركة بتهريب مليار ونصف المليار ريال يمني، قامت شركة المجربي بتهريب المبالغ النقدية على متن حافلة سوداء اللون عند وصول اللجنة المكلفة وعدم تمكنها من إيقافه أو اللحاق به، فضلاً عن قيام أحد موظفي الشركة بإشهار السلاح في وجه اللجنة ورجال الأمن وتم ضبطه مع السلاح المستخدم من قبل الجهات المختصة.
وأوضح البيان أن “هذه المخالفات والتصرفات أثارت الشبهات لدى اللجنة، ما دفع عضو النيابة العامة إلى استدعاء الشرطة النسائية وتفتيش منزل مدير الشركة الواقع في المبنى ذاته، حيث عُثر داخل المنزل على مبلغ مليون دولار أميركي و8 ملايين و700 ألف ريال سعودي”.
المجلس الرئاسي اليمني يتعهد بمواصلة سياسة “الحزم الاقتصادي” ضد الحوثيين.
وأضاف البيان أنه “بعد ثلاث ساعات من استكمال إجراءات الضبط وإغلاق الشركة، فوجئت النيابة العامة بتلقي بلاغ يفيد بتواجد مدير فرع شركة المغربي للصرافة داخل الشركة مختبئاً في إحدى الغرف المغلقة، لتعديل أو حذف بيانات أو مقاطع كاميرات أو غير ذلك”، مشيراً إلى أن التحقيقات الرسمية للجهات المختصة سوف توضح كل شيء.
وأكد البيان أن “البنك المركزي اليمني ماض في تنفيذ قرارات المحافظ أحمد المبقي والتصدي بكل حزم لكل من تسول له نفسه العبث بالاقتصاد الوطني والإضرار بالمصلحة العامة”.
توقف عن العبث
وتشير حادثة تهريب شركة المغربي لنحو 1.5 مليار ريال يمني ونحو 9 ملايين ريال سعودي ومليون دولار أمريكي، وهي من الشركات الناشئة ولم يتجاوز عمرها بضع سنوات، إلى حجم المعركة الشرسة التي يخوضها البنك المركزي بعدن لوقف “تجار الحرب” من العبث بالمنظومة المصرفية، ومن ضمنها المضاربة الحوثية وتهريب العملات.
ويتهم خبراء اقتصاديون شركات الصرافة المحلية وخدمات تحويل الأموال بالمسؤولية عن تدهور وتراجع الريال اليمني، من خلال المضاربة بأسعار العملات الأجنبية خدمة لأجندات الحوثيين في المحافظات المحررة.
وأكد خبراء في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، أن ميليشيات الحوثي تسللت إلى قطاع الصرافة عبر عشرات شركات الصرافة، واتخذته سوقاً خصبة للمضاربة بالعملة، بما في ذلك الصفقات المشبوهة وعمليات البيع والشراء ليلاً ونهاراً عبر تطبيقات إلكترونية لا تخضع لرقابة البنك المركزي في عدن.
وفي الشهر الماضي، أوقف البنك المركزي اليمني شبكات تحويل الأموال المحلية بشكل كامل ودائم، وحصرها في الشبكة الموحدة للتحويلات المالية (أون موني)، في خطوة قال خبراء اقتصاديون إنها تهدف إلى “السيطرة على سوق النقد، ومراقبة حركة التدفقات النقدية، والحد من المضاربة الحوثية”.
وتتهم ميليشيات الحوثي الحكومة اليمنية باتباع سياسة القمع الاقتصادي بدعم أميركي، فيما يقول البنك المركزي في عدن إن قراراته تستند إلى نصوص قانونية، من بينها تشريعات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتقارير عن مخالفات صادرة عن قطاع الرقابة المصرفية.
اتخذ البنك المركزي اليمني في عدن، عدة قرارات خلال الأشهر الماضية، منها نقل البنوك التجارية من صنعاء إلى عدن، وسحب العملة القديمة، وفرض عقوبات على 6 من أكبر البنوك، بسبب تعاملها مع ميليشيا الحوثي.
كما اتخذت وزارتا النقل والاتصالات وتقنية المعلومات المعترف بهما دوليا قرارات أخرى لتنظيم نقل وتصحيح أوضاع وكالات السفر وشركات الهاتف المحمول إلى عدن ضمن حزمة إجراءات لتضييق الخناق على الحوثيين وتجفيف مصادر تمويلهم.













