وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي، السبت الماضي، إن الغارة الجوية التي ضربت منطقة المواصي في خان يونس “كانت تستهدف محمد ضيف”، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
اخبار عربية وعالمية
أولاً / المتابعات :
وأدت الغارة إلى مقتل العشرات وإصابة آخرين في مخيم للنازحين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه “استهدف محمد الضيف ورافع سلامة… اللذين كانا من بين مخططي مجزرة السابع من أكتوبر”، دون أن يوضح ما إذا كانت الغارة الجوية قد قتلتهما.
وأضاف بيان الجيش الإسرائيلي أن “الضربة نفذت في منطقة مغلقة تسيطر عليها حماس، حيث لم يكن فيها، حسب معلوماتنا، سوى إرهابيين من حماس ولم يكن هناك مدنيون”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي “لا يوجد تأكيد بأن القيادي في حركة حماس محمد الضيف قتل في الغارة جنوب غزة”.
واعتبرت حركة حماس أن “الادعاءات الإسرائيلية هي محاولة للتغطية على حجم المجزرة المروعة”، ووصفت الحركة قصف المواصي بـ”المجزرة البشعة”.
“الولادة والنشأة”
هو محمد دياب المصري، المعروف بمحمد الضيف، فلسطيني من مواليد غزة عام 1965، عندما كانت المنطقة تحت السيطرة المصرية.
ينتمي الضيف إلى عائلة فلسطينية لاجئة نزحت عام 1948 من قرية القبيبة إلى غزة، حيث نشأ في مخيم خان يونس للاجئين، وبقي هناك طوال حياته.
نشأ الضيف في أسرة فقيرة للغاية، وعمل مع والده في مجال الغزل والتنجيد، كما أنشأ مزرعة دواجن وعمل سائقًا، وكان يضطر أحيانًا إلى التوقف عن الدراسة لمساعدة أسرته في تأمين احتياجاتها.
يُلقب محمد الضعيف بـ “أبو خالد”، وجاء هذا اللقب بعد دوره التمثيلي في إحدى المسرحيات خلال أيام دراسته الجامعية، وهي مسرحية “المهرج”، والتي لعب فيها دور “أبو خالد”، وهي شخصية تاريخية عاشت في الفترة ما بين العصرين الأموي والعباسي.
ويعرف مجازياً باسم الضيف، في إشارة إلى نمط حياته البدوي، حيث يتنقل من مكان إلى آخر لتجنب الغارات الجوية الإسرائيلية.
الدراسة
رغم فقر عائلته، أصر والد محمد الضيف على حصول أبنائه على التعليم.
حصل الضيف على شهادة في العلوم من الجامعة الإسلامية بغزة، حيث درس الفيزياء والكيمياء والأحياء، وأظهر شغفه بالفنون، حيث ترأس لجنة الترفيه في الجامعة، وقدم عروضاً مسرحية كوميدية على خشبة المسرح.
“انضم إلى حماس”
خلال دراسته الجامعية انغمس الضعيف في “الفكر الإسلامي”، فانضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكان من أبرز ناشطي الكتلة الإسلامية آنذاك.
وعندما انطلقت حركة حماس في العام 1987، بعد “الانتفاضة الفلسطينية عرب تايمى”، لم يتردد الضيف في الانضمام إلى صفوفها، فاعتقلته السلطات الإسرائيلية في العام 1989، وقضى 16 شهراً في السجن بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس.
وكان الضيف قد اتفق خلال فترة سجنه آنذاك مع زكريا الشوربجي وصلاح شحادة على تأسيس حركة منفصلة عن حماس بهدف “أسر جنود الاحتلال”، وهي كتائب عز الدين القسام.
وبعد خروج الضيف من السجن بدأت كتائب عز الدين القسام بالظهور كتشكيل عسكري، وكان الضيف من مؤسسيها وفي مقدمة قادتها.
ولاحقاً انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة القسام في قطاع غزة، وبقي هناك فترة من الزمن، حيث أشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام في الضفة الغربية، وأصبح قائداً له بعد اغتيال القائد عماد عقل عام 1993.
وفي عام 2000، ومع اندلاع الانتفاضة الثانية، اعتقلت السلطة الفلسطينية محمد ضيف، إلا أنه فر أو أفرج عنه بعد فترة وجيزة، بحسب وكالة فرانس برس.
وفي عام 2002، أصبح الضيف القائد الأعلى لكتائب عز الدين القسام، بعد اغتيال سلفه صلاح شحادة في غارة إسرائيلية.
وفي عام 2015، أدرجت الولايات المتحدة الضيف على القائمة السوداء لـ”الإرهابيين الدوليين”، كما أدرجته على قائمة الإرهاب للاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون عرب تايم الماضي.
“مهندس بناء الأنفاق وصانع القنابل”
ويتمتع الضيف بتاريخ عسكري طويل للغاية، بدأ في ثمانينيات القرن الماضي، حيث شارك الرجل على مدى نحو 30 عاما في عدة عمليات عسكرية ضد إسرائيل، بدءا من خطف جنود وإطلاق صواريخ، مرورا بالعمليات العسكرية، ووصولا إلى هجوم السابع من أكتوبر الذي يعتقد أنه “خطط له”، إلى جانب رئيس المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة يحيى السنوار.
وبعد توليه المنصب، يُنسب إلى ضيف تصميم أبرز أسلحة حماس: صاروخ القسام، وشبكة الأنفاق التي حُفرت تحت غزة. ويُعتقد أن ضيف يقضي معظم وقته في هذه الأنفاق، مختبئاً من الجيش الإسرائيلي ويدير عمليات حماس من خلالها.
وكان الضيف الذي روّج لاستراتيجية إطلاق المزيد من الصواريخ، قد تعلم كيفية صناعة القنابل والصواريخ من يحيى عياش، المعروف بـ”المهندس” وأحد مؤسسي كتائب عز الدين القسام، والذي اغتالته إسرائيل عام 1996.
وبحسب وكالة رويترز، فإن العزيمة والحذر هما السمتان الرئيسيتان للضيف، ونقلت الوكالة عن مصدر في حماس عمل تحت إمرة الضيف قوله: “إنه يتمتع بأعصاب من فولاذ. وعندما يقرر استخدام مكان ما، فإنه يمتنع تماما عن التحرك. ولا يشعر بالفضول لمعرفة ما يجري في الشارع. ويستخدم عيون وآذان من يثق بهم لهذا الغرض”.
“سبع محاولات اغتيال”
في الأوساط الفلسطينية يُعرف الضيف بـ “العقل المدبر”، وفي الأوساط الإسرائيلية يُعرف بـ “رجل الموت” أو “المقاتل ذو التسع أرواح”، ويأتي هذا اللقب الأخير بعد سبع محاولات اغتيال إسرائيلية نجا منها الضيف، وهو يتصدر قائمة المطلوبين في إسرائيل.
منذ عقود تلاحق إسرائيل محمد ضيف، وتحمله مسؤولية مقتل العشرات من الإسرائيليين. ومن بين أخطر التهم الموجهة إليه أنه أشرف وخطط لسلسلة من العمليات الانتقامية بعد اغتيال المهندس يحيى عياش، والتي أدت إلى مقتل نحو 50 إسرائيلياً في أوائل عام 1996، وأنه خطط أيضاً لأسر وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين في منتصف التسعينيات.
ونجا الضيف من سبع محاولات اغتيال، في أعوام 2001، 2002، 2003، 2006، 2014، وفي عام 2021 حاولت إسرائيل اغتياله مرتين.
وكانت أصعب محاولة اغتيال تعرض لها الضيف في العام 2002، ونجا منها بأعجوبة، لكنه فقد إحدى عينيه، وتقول إسرائيل إنه فقد إحدى قدميه وإحدى يديه، ويعاني من صعوبة في النطق، بسبب تعرضه لأكثر من محاولة اغتيال.
وفي عام 2014، أثناء الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة والتي استمرت أكثر من 50 يوماً، فشل جيش الاحتلال الإسرائيلي في اغتيال الضيف أيضاً، لكنه قتل زوجته وابنه البالغ من العمر 7 أشهر وابنته البالغة من العمر 3 سنوات.
هناك ثلاث صور للضيف، واحدة قديمة جداً، والثانية له وهو يرتدي قناعاً، والثالثة صورة ظله، وقليل من الناس في قطاع غزة من يتعرفون عليه (حين يرونه).
















