تتجه الأنظار نحو مدينة سيئون في حضرموت، حيث تستعد لاحتضان واحدة من أضخم وأهم الفعاليات الجماهيرية في تاريخ الجنوب العربي الحديث.
تأتي هذه المناسبة احتفالًا بـ الذكرى الـ 58 لعيد الاستقلال الجنوبي 30 نوفمبر 1967، لكنها تحمل في طياتها دلالات تتجاوز الاحتفال التقليدي.
يرتبط الاحتفال هذا العام بشكل مباشر بمسار استعادة الدولة الجنوبية، متزامنًا مع تعاظم حضور المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي في المشهد الإقليمي والدولي.
يُعد الثلاثون من نوفمبر ذكرى مفصلية أعلنت فيها نهاية حقبة الاستعمار البريطاني وبداية بزوغ الدولة المستقلة. ومع اقتراب الذكرى الـ 58، يستعيد الجنوب هذا العام دلالات تلك اللحظة، لكن بصيغة جديدة تتعلق بما يصفه الشارع بـ “الاستقلال الثاني”، الذي تؤكد قيادات جنوبية أنه بات أقرب من أي وقت مضى.
سيئون وادي حضرموت: الساحة الوطنية المفتوحة
تحمل فعالية سيئون الجماهيرية رمزية سياسية واجتماعية بالغة الأهمية. فـ سيئون، بقلب وادي حضرموت، تشهد منذ أيام حركة واسعة في الاستعدادات وسط زخم جماهيري متصاعد.
يمثل توافد الوفود القبلية والشخصيات الاجتماعية والقيادات من مختلف المحافظات الجنوبية، المشهد الذي يصفه السياسيون بـ “ساحة وطنية مفتوحة”.
حضرموت، بتاريخها العريق ورصيدها النضالي وثقلها الاستراتيجي، تُعد محورًا هامًا في المشروع الوطني الجنوبي. إن إقامة الفعالية المركزية في سيئون وادي حضرموت يعكس حالة نضج سياسي وتوافق شعبي حول مشروع استعادة الدولة الجنوبية، ويؤكد على أن صوت الجنوب العربي الموحد يمتد إلى كل مناطقه، من المهرة شرقًا إلى باب المندب غربًا.
المجلس الانتقالي الجنوبي: قيادة المشروع بخطوات محسوبة
يُجمع المحللون على أن مشهد عيد الاستقلال الجنوبي 30 نوفمبر 2025م يتجاوز الاحتفال التقليدي ليعكس التوافق الشعبي حول مشروع الدولة الجنوبية، تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
برز المجلس خلال السنوات الأخيرة كقوة سياسية وعسكرية متماسكة، استطاعت إعادة تعريف موقع الجنوب العربي في المعادلة الإقليمية. وتُجمع التحليلات على أن المجلس يمضي “بخطوات محسوبة” نحو استعادة الدولة الجنوبية، مستندا إلى:
قاعدة جماهيرية واسعة: تتجسد في الفعاليات المركزية في سيئون وعدن.
مؤسسات عسكرية وأمنية جاهزة: تعكسها جاهزية القوات المسلحة الجنوبية.
تؤكد هذه التحركات السياسية والشعبية أن الجنوب العربي يملك مشروعًا وقيادة وشعبًا قادرين على إدارة الدولة، وهو ما يمثل رسالة سياسية موحدة للعالم.
القوات المسلحة الجنوبية: الذراع العسكرية لحماية المنجزات
يبرز الدور المحوري للقوات المسلحة الجنوبية في المشهد، حيث أثبتت هذه القوات قدرتها على حماية الأراضي الجنوبية ومواجهة التحديات الأمنية والعسكرية خلال السنوات الماضية. ومن المتوقع أن تشارك وحدات منها في تأمين الفعاليات المركزية في سيئون، إلى جانب قوات النخبة الحضرمية التي تشكل ركيزة أمنية مهمة.
ويرى المراقبون أن جاهزية القوات الجنوبية تعكس رسالة واضحة للعالم مفادها أن “المشروع السياسي الجنوبي يملك ذراعًا عسكرية قادرة على حماية منجزاته”. هذه الجاهزية تضمن أن تكون خطوات استعادة الدولة الجنوبية مدعومة بقوة فعلية على الأرض.
عدن والجنوب: التوحيد المعنوي والتحول السياسي
لا يقتصر الاحتفال بـ الذكرى الـ 58 للاستقلال على سيئون وادي حضرموت فحسب. ففي العاصمة عدن، تتواصل التحضيرات لفعاليات كبيرة تليق بمكانتها كـ “المدينة التي وقّعت وثيقة الاستقلال الأول عام 1967”. تشهد أحياء عدن أجواء احتفالية تتزامن مع فعاليات سيئون، في مشهد يؤكد وحدة الموقف الشعبي الجنوبي إزاء مشروع الاستقلال الثاني.
يمثل أبناء الجنوب العربي احتفالات عدن رابطًا معنويًا بين الاستقلال الأول والاستقلال المرتقب. بالإضافة إلى سيئون وعدن، تشهد محافظات الضالع ولحج وأبين وشبوة وسقطرى والمهرة فعاليات جماهيرية واسعة، تتفق جميعها على رسالة واحدة وهي أن الجنوب العربي اليوم أكثر وحدة وتماسكًا من أي وقت مضى.
عام مفصلي نحو الاستقرار
تتوسع التقديرات السياسية التي ترى في عام 2025 عامًا مفصليًا بالنسبة لـ الجنوب العربي. فـ مشهد الاحتفالات في سيئون والعاصمة عدن يمثل “مؤشرًا واضحًا” على اقتراب الجنوب العربي من مرحلة جديدة تتجاوز الاحتفال إلى التحول السياسي الفعلي.
يدخل أبناء الجنوب العربي ذكرى عيد الاستقلال الجنوبي 30 نوفمبر هذا العام وهم أكثر تماسكًا سياسيًا وعسكريًا وشعبيًا، وأكثر قدرة على المضي نحو هدفهم في استعادة الدولة الجنوبية وبناء نظام سياسي مستقر. وبذلك، تكتمل اللوحة الوطنية التي تجمع الأرض (سيئون وعدن) والقيادة (المجلس الانتقالي) والشعب والقضية (استعادة الدولة).
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا
















