تشهد الساحة الجنوبية اليوم تحوّلات عميقة ترسم ملامح واقع مختلف جذريًا عن الأجواء التي سبقت صيف 1994. فبعد أن خبر شعب الجنوب مرارة الحرب والاحتلال ومحاولات الإخضاع، يبعث اليوم برسالة واضحة وقوية إلى تحالفات القوى اليمنية التي تعمل على إعادة صناعة سيناريوهات الماضي، مؤكدًا في صميمها: “لن تتكرر حرب 94، ولن يُستباح الجنوب من جديد.”
محاولات إحياء فتاوى التكفير وخطاب الكراهية
رصدت مصادر سياسية وإعلامية تحركات مقلقة لجماعة الإخوان الإرهابية، والتي تعمل على إحياء خطاب الكراهية ضد الجنوبيين. يتمثل هذا السلوك في:
إعادة نشر فتاوى التكفير والقتل: تلك الفتاوى التي أصدرتها الجماعة في حرب 1994 ضد الجنوبيين تحديدًا.
التهيئة لحرب جديدة: يؤكد ناشطون أن هذا السلوك يعكس محاولة واضحة للتهيئة لـحرب جديدة تحت ذرائع عقائدية وسياسية مشابهة لتلك التي وظّفتها الجماعة قبل ثلاثة عقود لـاجتياح عدن وسقوط مؤسسات الدولة الجنوبية.
هذه الخطوات تثير مخاوف حقيقية من استخدام التعبئة العقائدية كغطاء لعمليات عسكرية جديدة، تمامًا كما حدث في الماضي.
تحشيد عسكري بوجه متجدد
تؤكد المعطيات الميدانية وجود تحشيد عسكري تقوده جماعة الإخوان، يتمثل في نقل عناصر مسلحة وتجهيزات قتالية باتجاه مناطق تقع على تخوم الجنوب.
نسخة محدثة من حرب 1994: يرى مراقبون أن هذا التحشيد ليس سوى النسخة المحدثة من حرب 1994، ولكنه يتم بـالأدوات نفسها، والعقيدة نفسها، ما يعزز المخاوف من أن الجماعة تسعى لإعادة إشعال الصراع، مستغلة حالة التجاذبات القائمة في الشمال.
دوافع اقتصادية: يرى محللون أن تحركات القوى اليمنية ضد الجنوب تأتي بدافع السيطرة على الثروات النفطية والغازية والموانئ الاستراتيجية، تحت غطاء “الوحدة اليمنية” المزعومة.
القوة الجنوبية: إرادة موحدة وقرار مستقل
في المقابل، يشدد أبناء الجنوب وقياداته السياسية على أن الظروف التي سمحت بـاجتياح الجنوب في 1994م لم تعد قائمة اليوم على الإطلاق:
القوة العسكرية: القوة العسكرية الجنوبية باتت أكثر تنظيمًا وتسليحًا، وتأسست على عقيدة وطنية ثابتة.
الإرادة الشعبية: الإرادة الشعبية أكثر وحدة وتماسكًا، وهناك إجماع على استعادة الدولة الجنوبية.
القرار المستقل: يؤكد الجنوبيون أن الجنوب يمتلك اليوم قرارًا مستقلًا وقوة قادرة على حماية الأرض، وأن أي محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء ستصطدم بواقع جديد لا يسمح بتكرار مأساة الماضي.
دور القيادة الجنوبية والشراكة الاستراتيجية
يلعب الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي دورًا محوريًا في قيادة هذه المرحلة. فالجنوب يمتلك اليوم قوات جنوبية مدرّبة ومتماسكة، تعمل كـشريك استراتيجي فاعل مع التحالف العربي والمجتمع الدولي في محاربة الإرهاب، بما في ذلك تنظيمات الإخوان والقاعدة والحوثي التي تشكل تهديدًا مشتركًا للأمن الإقليمي والدولي.
دماء 1994.. ذاكرة لم تنطفئ
رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود، ما تزال آثار حرب 1994 حاضرة في وجدان الجنوبيين. إن دماء الأبرياء التي سالت آنذاك لم تجف، وما تزال جراحها مفتوحة. وهذا الوجع التاريخي يجعل أي محاولة لإعادة الحرب فعلًا استفزازيًا سيدفع ثمنه من يفكر في تكراره.
ويحمّل الجنوبيون المجتمع الدولي مسؤولية تراخي العدالة بشأن محاسبة مجرمي حرب 1994، الأمر الذي شجع بعض الأطراف على محاولة استنساخ التجربة من جديد دون أي رادع.
تحالف الإخوان والحوثي: تهديد إقليمي
تكشف المؤشرات الإقليمية والدولية عن وجود تنسيق واضح بين ميليشيا الإخوان والحوثيين، وهو تحالف يسعى لفرض واقع جديد بالقوة وإعادة غزو الجنوب العربي كنوع من الانتقام بعد هزيمتهم في حرب 2015م. وبات المجتمع الدولي يدرك خطورة هذا التحالف الذي يجمع بين التطرف الديني والتوسع الميليشياوي، ويستهدف استقرار الجنوب والمنطقة.
معادلة جديدة
تؤكد التطورات الراهنة أن الجنوب في مرحلة مختلفة تمامًا عن الماضي، وأن أي محاولات لإعادة تدوير حرب 1994 ستواجه بواقع سياسي وعسكري وشعبي جديد، يختصره الجنوبيون في عبارة واحدة: “لن تتكرر 94… الجنوب أقوى.”
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا
















