تشهد محافظة المهرة تحولات سياسية واجتماعية كبرى، حيث تمثل الحشود الجماهيرية الأخيرة محطة مفصلية في مسار نضال شعب الجنوب نحو استعادة دولة الجنوب العربي كاملة السيادة.
هذه التظاهرات ليست مجرد تجمعات عابرة، بل هي انعكاس لنضج الوعي السياسي واتساع دائرة الإجماع الوطني الجنوبي الذي يرفض محاولات التهميش أو العزل.
المهرة.. قلب الجنوب النابض ورهان الوحدة الوطنية
تكتسب محافظة المهرة أهمية استثنائية في الخارطة السياسية الجنوبية؛ نظرًا لموقعها الاستراتيجي وخصوصيتها الجغرافية والاجتماعية. لقد جاءت الحشود الجماهيرية لتعلن بوضوح أن المهرة ليست “ساحة للصراعات الإقليمية” أو “منطقة معزولة”، بل هي جزء أصيل لا يتجزأ من المشروع الوطني الجنوبي.
إن الرسالة التي بعث بها أبناء المهرة بمختلف شرائحهم الاجتماعية وقبائلهم، أكدت أن الخيارات السياسية للمحافظة تنطلق من المصلحة الوطنية العليا للجنوب العربي. هذا الحراك الشعبي الواسع أسقط كافة الرهانات والمخططات التي حاولت لسنوات زرع الفتنة أو تصوير المهرة وكأنها تغرد خارج السرب الجنوبي.
الالتفاف حول القوات المسلحة الجنوبية: صمام أمان الاستقرار
لم يقتصر الحراك في المهرة على المطالب السياسية، بل حمل موقفًا صريحًا وقويًا داعمًا لـ القوات المسلحة الجنوبية. ينظر أبناء المهرة إلى هذه القوات باعتبارها الضامن الحقيقي للأمن والاستقرار، والحصن المنيع الذي يحمي المحافظة من الفوضى ومحاولات الاختراق من قبل التنظيمات الإرهابية أو القوى المعادية.
هذا الالتفاف الشعبي يعكس ثقة راسخة في الدور الوطني الذي تقوم به المؤسسة العسكرية الجنوبية، ويؤكد أن معركة استعادة الدولة ليست مجرد حبر على ورق، بل هي مسار تحرري تحميه إرادة شعب وسواعد أبطال الميدان.
رسالة إلى عيدروس الزُبيدي: استحقاق الدولة
وجهت الجماهير المحتشدة في المهرة رسالة مباشرة إلى الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والقائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية. تضمنت هذه الرسالة طلبًا واضحًا وصريحًا: إعلان دولة الجنوب العربي كاملة السيادة.
يرى أبناء المهرة أن هذا المطلب لم يعد تعبيرًا عاطفيًا، بل هو استحقاق وطني نضجت ظروفه السياسية والعسكرية. لقد أثبتت القيادة الجنوبية قدرتها على إدارة الملفات المعقدة وتمثيل تطلعات الشعب في المحافل الدولية، مما جعل لحظة إعلان الدولة ضرورة ملحة لإنهاء حالة الضياع السياسي وحفظ كرامة المواطن الجنوبي.
من المهرة إلى عدن: لوحة وطنية موحدة
تتكامل أهمية حشود المهرة مع الزخم الشعبي الكبير الذي تشهده العاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب. هذه اللوحة الوطنية الجامعة تعكس حجم التفويض الشعبي الممنوح للمجلس الانتقالي الجنوبي.
هذا التلاحم والترابط بين أطراف الجنوب يؤكد أن القرار الوطني الجنوبي لم يعد قابلًا للمصادرة. فالتزامن في التظاهرات والوحدة في الشعارات والمطالب يرسلان إشارة قوية للمجتمع الدولي بأن شعب الجنوب قد حسم خياره التاريخي.
دلالات سياسية واجتماعية لانتفاضة المهرة
يمكن تلخيص الدلالات العميقة لما يحدث في المهرة في النقاط التالية:
نضج الوعي الشعبي: فشل كافة حملات التضليل الإعلامي التي استهدفت أبناء المهرة.
سقوط الرهانات الخارجية: إثبات أن الولاء للأرض والهوية الجنوبية يسبق أي اعتبارات أخرى.
التفويض المطلق: تجديد الثقة في المجلس الانتقالي الجنوبي كحامل وحيد للقضية.
الأمن القومي الجنوبي: التأكيد على أن أمن المهرة هو جزء من أمن عدن وسقطرى وباب المندب.
المضي نحو الهدف المنشود
إن حشود المهرة، بصمودها وزخمها، تمثل قوة دفع إضافية لمسار استعادة الدولة. لقد أثبت شعب الجنوب العربي، من المهرة شرقًا حتى باب المندب غربًا، أنه ماضٍ بثبات نحو استعادة حقوقه، مستندًا إلى إرادة صلبة وقيادة حكيمة تحظى بدعم شعبي غير مسبوق.
إن المرحلة القادمة تتطلب تعزيز هذا التلاحم الوطني، وترجمة هذه الحشود إلى خطوات سياسية ملموسة تضع حدًا لمعاناة الشعب وتعلن ولادة “دولة الجنوب العربي” كدولة فاعلة وشريكة في أمن واستقرار المنطقة والعالم.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا















