يبرز اليوم الاعتراف بإرادة شعب الجنوب العربي كخطوة عقلانية وضرورة ملحة نحو بناء سلام مستدام في المنطقة، بعيدًا عن كونه “مخاطرة سياسية” كما تحاول قوى الشر وتيارات الاحتلال اليمني تصويره.
إن القراءة الواعية للتاريخ والواقع تؤكد أن تجاوز مطالب الشعوب هو الوصفة المثالية للفشل، بينما يظل الإصغاء لصوت الشعب هو الاستثمار الأنجع في الأمن والاستقرار.
جذور المعاناة: عقود من الإقصاء والتهميش الممنهج
على مدار عقود، تعرض شعب الجنوب العربي لسياسات تدميرية مارستها قوى الاحتلال، استهدفت بالدرجة الأولى الهوية والمقدرات. لم يكن التهميش عفويًا، بل كان جزءًا من استراتيجية شاملة تضمنت:
تفكيك المؤسسات: تدمير الكيان المؤسسي للدولة الجنوبية وتسريح كوادرها.
نهب الموارد: حرمان أبناء الجنوب من إدارة ثرواتهم واستخدامها لصالح قوى النفوذ في صنعاء.
الإقصاء السياسي: تغييب الصوت الجنوبي عن مراكز صنع القرار ومحاولة فرض وصاية سياسية مرفوضة.
هذا العنف المنظم لم يطل الاقتصاد والسياسة فحسب، بل امتد ليمس كرامة الإنسان الجنوبي، مما خلق جرحًا غائرًا في الوعي الجمعي لا يمكن مداواته إلا بحلول جذرية.
غياب العدالة.. الوقود المتجدد للأزمة
يمثل غياب العدالة العائق الأكبر أمام أي تسوية سياسية شاملة. فلم تنصف الضحايا ولم تحاسب الجهات المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت بحق الجنوبيين.
هذا الفراغ في منظومة العدالة أضعف الثقة في المشاريع السياسية التقليدية، وجعل من “الضمانات الحقيقية” مطلبًا شعبيًا لا تنازل عنه لضمان عدم تكرار مآسي الماضي.
حق تقرير المصير: مرتكز قانوني وأخلاقي
في ظل هذه المعطيات، يبرز حق تقرير المصير كخيار قانوني مكفول في القانون الدولي والمواثيق الأممية. إن تمسك الجنوبيين بهذا الحق ليس من باب “المغامرة السياسية”، بل هو استجابة طبيعية لتجربة وحدوية فاشلة أدت إلى احتلال الأرض واستباحة الإنسان.
لماذا يعتبر تقرير المصير حلًا؟
حماية الشعوب: وسيلة قانونية لحماية الشعوب التي عانت من الاضطهاد والإقصاء.
بناء الكيان الوطني: يتيح للجنوبيين بناء كيان سياسي يعكس إرادتهم ويصون كرامتهم.
الشرعية الدولية: حق أصيل يمنح الشعوب حرية اختيار مستقبلها السياسي والاقتصادي.
السلام المستدام لا يُبنى بالإكراه
إن الاعتراف بإرادة شعب الجنوب العربي والتعاطي الجاد مع حقوقه يمثل المدخل الواقعي الوحيد لإنهاء الصراع. السلام الحقيقي لا يُبنى بتجاهل المظالم أو فرض الحلول الفوقية، بل يرتكز على:
الاعتراف بالمظالم: معالجة إرث الانتهاكات بشكل صريح وشجاع.
احترام الإرادة الشعبية: التوقف عن محاولات الالتفاف على مطالب الشارع الجنوبي.
الندية في التفاوض: التعامل مع القضية الجنوبية كقضية شعب ودولة، لا كملف ثانوي.
الطريق إلى المستقبل
إن إغلاق بؤر التوتر في الجنوب العربي يبدأ من الاعتراف بأن شعب الجنوب هو صاحب القرار الأول والأخير في تحديد مصيره. إن استعادة الدولة الجنوبية ليست مشروعًا للتفتيت، بل هي مشروع لاستعادة التوازن والاستقرار في المنطقة، وقطع الطريق أمام “قوى الشر” التي تقتات على الفوضى والحروب.
يبقى الرهان اليوم على وعي المجتمع الدولي وقواه الفاعلة بضرورة دعم هذا التوجه العقلاني، لضمان مستقبل تسوده العدالة والمواطنة المتساوية بعيدًا عن عقلية الاحتلال والإلحاق.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا https://t.me/arabtimenews

















