شهدت مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، فعالية توعوية ونضالية كبرى في مخيم الاعتصام المفتوح بساحة “القرار قرارنا”.
تأتي هذه الفعالية التي نظمتها إدارة الشهداء والجرحى بالهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بحضرموت، تزامنًا مع الذكرى الثانية عشرة لانطلاقة الهبة الحضرمية الشعبية، تلك المحطة الفارقة التي غيرت مجرى التاريخ النضالي في الجنوب العربي.
ساحة “القرار قرارنا”: منبر الوعي والثبات
تحولت ساحة “القرار قرارنا” إلى مركز إشعاع ثوري، حيث احتضنت المحاضرة التوعوية التي قدمها المناضل سالم بن دغار، عضو الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي. استهدفت الفعالية تعزيز الوعي الوطني لدى المعتصمين والشباب، وربط الجيل الصاعد بتضحيات الرعيل الأول من الشهداء الذين سطروا بدمائهم ملاحم البطولة في مواجهة قوى الغزو والاحتلال.
الشهيد عمر بازنبور: أيقونة الهبة ووقود الثورة
في استعراض مهيب، تناول بن دغار سيرة الشهيد عمر بازنبور، واصفًا إياه بأنه أحد أعمدة الهبة الحضرمية وأحد أبرز القادة الميدانيين الذين تقدموا الصفوف الثورية بصدور عارية.
محطات في سيرة الشهيد بازنبور:
توقيت الاستشهاد: ارتقى الشهيد بازنبور في 20 ديسمبر 2013، وهو التاريخ الذي سجل انطلاقة الشرارة الأولى للهبة الحضرمية.
رمزية الحدث: جاء استشهاده تزامنًا مع الغضب الشعبي العارم الذي أعقب اغتيال المقدم سعد بن حبريش على يد قوات الاحتلال اليمني في ذلك الوقت.
الموقف النضالي: أكد بن دغار أن بازنبور لم يكن مجرد ثائر، بل كان يمثل الإرادة الحضرمية الرافضة لممارسات القمع والنهب والتهميش.
“إن دماء الشهيد عمر بازنبور ورفاقه لم تذهب سدى، بل كانت هي الأساس الصلب الذي قامت عليه انتصارات الجنوب اليوم، وهي الوقود الذي يحرك مسيرة التحرير واستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة.” – سالم بن دغار.
الهبة الحضرمية: عندما انتفضت الأرض لحماية كرامتها
تطرق التقرير التحليلي للمحاضرة إلى سياق “الهبة الحضرمية”، موضحًا أنها لم تكن مجرد رد فعل عاطفي، بل كانت استراتيجية شعبية متكاملة لانتزاع الحقوق المنهوبة.
رفض القمع: جاءت الهبة ردًا على سنوات من التنكيل الممنهج بحق أبناء حضرموت.
تلاحم القبائل والمجتمع: مثلت الهبة لحظة تاريخية توحدت فيها كافة قبائل ومكونات حضرموت تحت راية واحدة.
العمق الجنوبي: أكدت الفعالية أن حضرموت كانت ولا تزال هي قلب الجنوب النابض، وأن معركتها هي معركة كل الجنوبيين.
من 30 نوفمبر إلى التحرير الثاني: استمرارية النضال
ربط المناضل سالم بن دغار بين محطات تاريخية مفصلية، مستحضرًا ذكرى 30 نوفمبر المجيد، يوم جلاء آخر جندي بريطاني عن أرض الجنوب العربي في عام 1967.
وأوضح بن دغار أن شعب الجنوب، وبعد عقود من النضال المرير، بات اليوم “قاب قوسين أو أدنى” من تحقيق التحرير الثاني. وأكد أن الفرق بين الأمس واليوم يكمن في وجود قيادة سياسية مفوضة ممثلة بـ المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات مسلحة جنوبية قوية تحمي المكتسبات، واصطفاف شعبي منقطع النظير خلف مشروع استعادة الدولة.
رسائل من مخيم الاعتصام بالمكلا
وجه المشاركون في فعالية ساحة “القرار قرارنا” عدة رسائل هامة:
الوفاء للشهداء: تجديد العهد لكافة شهداء وجرحى الجنوب بأن تضحياتهم هي “الخط الأحمر” الذي لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات سياسية.
التمسك بالقرار: أن قرار حضرموت هو قرار أبنائها وحدهم، ولا يمكن لأي قوى خارجية فرض وصايتها على المحافظة وثرواتها.
دعم المجلس الانتقالي: الالتفاف خلف الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي في خطواته نحو استكمال التحرير وبناء الدولة الفيدرالية المنشودة.
دور إدارة الشهداء والجرحى في ترسيخ الهوية
يأتي تنظيم هذه الفعالية من قبل إدارة الشهداء والجرحى بهيئة انتقالي حضرموت في إطار خطة شاملة تهدف إلى:
التوثيق التاريخي: حفظ سير الشهداء لضمان عدم نسيان بطولاتهم.
الرعاية المعنوية: تقديم الدعم لأسر الشهداء والجرحى والتأكيد على أن قضيتهم هي أولوية وطنية.
التوعية السياسية: ربط الحقوق المطلبية (الاقتصادية والخدمية) بالمشروع السياسي العام لاستعادة الدولة، كونه الحل الوحيد والجذري لمعاناة المواطنين.
حضرموت والجنوب.. مصير واحد
إن ما شهدته ساحة “القرار قرارنا” اليوم هو تأكيد جديد على أن حضرموت هي صمام أمان القضية الجنوبية. فالهبة الحضرمية التي انطلقت قبل 12 عامًا بدماء بازنبور وبن حبريش، تستمر اليوم بروح الاعتصامات السلمية والوعي السياسي المرتفع، مؤكدة أن “القرار قرارنا” ليس مجرد شعار، بل هو واقع يفرضه أبناء الجنوب على الأرض يومًا بعد يوم.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا
















