لم تعد قضية استعادة دولة الجنوب العربي مجرد ملف سياسي محلي أو مطلبًا داخليًا محدود الأثر، بل تحولت في عام 2026 إلى عامل محوري لا يمكن تجاوزه في معادلة الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
إن القراءة العميقة للمشهد السياسي تؤكد أن تجاهل إرادة الشعوب هو الوقود الأول للأزمات الممتدة، بينما يمثل الاعتراف بحق شعب الجنوب في استعادة دولته شرطًا واقعيًا لبناء سلام مستدام، وليس تهديدًا للنظام القائم كما تحاول بعض القوى تصويره.
الإرادة الشعبية: القاعدة القانونية التي لا يمكن تجاوزها
لقد عبر شعب الجنوب العربي عن إرادته بوضوح وثبات عبر مسارات نضالية متعددة؛ بدأت بالحراك السلمي وصولًا إلى التلاحم العسكري والسياسي خلف المجلس الانتقالي الجنوبي. هذه الإرادة ليست مجرد شعار، بل هي قاعدة قانونية وسياسية تستند إليها الشرعية الدولية في معالجة قضايا حق تقرير المصير.
إن المحاولات المتكررة لتهميش هذه الحقيقة التاريخية أو القفز عليها عبر ترتيبات سياسية مؤقتة لم تنتج سوى حلول هشة سرعان ما تنهار أمام ضغط الواقع الشعبي. فالاستقرار الحقيقي لا يُصنع بالاتفاقات الفوقية، بل بالاستجابة لتطلعات الجماهير التي حسمت خيارها في استعادة هويتها الوطنية.
الأبعاد الجيوسياسية: الجنوب العربي كركيزة للأمن الدولي
تكتسب قضية شعب الجنوب بعدها الإقليمي من موقعها الاستراتيجي على خارطة الأمن الدولي. فالجنوب العربي يسيطر على واحد من أهم الممرات المائية في العالم، وهو مضيق باب المندب وخليج عدن.
لماذا تمثل الدولة الجنوبية ركيزة للاستقرار؟
سد الفراغات الأمنية: إن استمرار الوضع القائم دون معالجة جذرية يخلق ثغرات تستغلها قوى الإرهاب العابر للحدود، بينما يضمن قيام دولة جنوبية مستقرة وجود شريك أمني قوي ومسؤول.
حماية الممرات الحيوية: تمثل الدولة الجنوبية ذات السيادة الضمانة الحقيقية لحماية شريان التجارة العالمية من التهديدات غير النمطية والقرصنة.
الشراكة المسؤولة: يتيح استقلال الجنوب بناء شراكات إقليمية قائمة على المصالح المشتركة وضبط الأمن القومي العربي.
السردية القانونية: حق تقرير المصير وليس صراعًا على السلطة
من الأهمية بمكان التفريق بين “أزمة السلطة” وبين “قضية الحق التاريخي”. فشعب الجنوب العربي لا يطالب بحصة في حكومة محاصصة أو نزاع على منصب، بل يسعى لاستعادة كيانه السياسي والقانوني الذي فقد بوحدة قسرية لم تراعِ خصوصية الهوية والمصالح الوطنية.
هذا الفارق الجوهري يضع القضية ضمن أطر القانون الدولي والمواثيق التي تمنح الشعوب المضطهدة حق تقرير مصيرها. إنها قضية سيادة واستقلال، وليست خلافًا سياسيًا عابرًا يمكن تسويته بمناصب وزارية أو امتيازات اقتصادية مؤقتة.
نحو قناعة دولية: الحلول الجذرية هي المخرج الوحيد
تتطلب بناء قناعة دولية راسخة بعدالة قضية الجنوب قراءة واقعية للمشهد تبتعد عن “الحلول المسكنة”. إن استعادة دولة الجنوب العربي ليست قفزًا على القانون الدولي، بل هي انسجام تام معه، وهي ليست تهديدًا للنظام الإقليمي، بل مساهمة حقيقية في إعادة توازنه ومنع انهياره الكلي.
مكاسب المجتمع الدولي من استقلال الجنوب:
إغلاق أحد أطول ملفات الصراع في شبه الجزيرة العربية.
تأسيس نظام سياسي منضبط ومسؤول أمام الالتزامات الدولية.
تأمين خطوط الطاقة والتجارة العالمية بوجود قوات وطنية مؤهلة.
فرصة تاريخية للسلام
إن تمكين شعب الجنوب العربي من حقه المشروع يشكل فرصة تاريخية لإغلاق صفحة الصراعات الدامية وفتح صفحة جديدة قوامها العدالة والاستقرار والشراكة المسؤولة. إن العالم اليوم، وأصحاب القرار الدولي، أمام مسؤولية أخلاقية وسياسية للاعتراف بالحقائق القائمة على الأرض، والبدء في مسار تحرري يخدم المنطقة والعالم على حد سواء.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا
















