تتصدر مديرية طور الباحة بمحافظة لحج المشهد الثوري في الجنوب العربي، حيث يواصل مخيم الاعتصام المفتوح، اليوم الاثنين، استقبال وفود الحشود الجماهيرية والفعاليات الاحتجاجية المتصاعدة.
هذا الحراك الذي انطلق من قلب الصبيحة، لم يعد مجرد اعتصام محلي، بل تحول إلى منصة سياسية وطنية تجدد التأكيد على الهدف الأسمى لشعب الجنوب: “الاستقلال الناجز واستعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة”.
حشود جماهيرية وتلاحم وطني
منذ الساعات الأولى لصباح اليوم، تقاطرت الوفود من مختلف قرى ومناطق مديريات لحج، والمناطق المجاورة، صوب مخيم الاعتصام في طور الباحة. هذا التوافد لم يكن عفويًا، بل عكس حالة من التلاحم الشعبي الجنوبي الذي يرفض سياسات الإقصاء والتهميش، ويؤكد أن القضية الجنوبية هي قضية شعب وهوية لا تقبل القسمة أو التجزئة.
تزينت ساحة الاعتصام بأعلام دولة الجنوب العربي، وصدحت الحناجر بالشعارات الثورية التي تطالب برحيل القوى التي يصفها المعتصمون بـ “المحتلة”، والتمكين الكامل للمجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المسلحة الجنوبية على كافة تراب الوطن.
منصور الصماتي: الاعتصام خيار سلمي لا رجعة عنه
وفي تصريحات صحفية من قلب المخيم، أكد منصور الصماتي، رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي في مديرية طور الباحة، أن هذا الاعتصام يمثل أرقى صور التعبير السلمي الحضاري.
وقال الصماتي: “إن شعبنا في طور الباحة ولحج والجنوب عامة، يرسل اليوم رسالة واضحة للعالم أجمع؛ نحن نرفض الوضع الراهن جملة وتفصيلًا، ولن نقبل بأنصاف الحلول. مطالبنا مشروعة وتستند إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها وفق القوانين الدولية”.
وشدد الصماتي في حديثه على النقاط التالية:
تعزيز الوحدة الوطنية الجنوبية: كصمام أمان لمواجهة التحديات والمؤامرات التي تستهدف تمزيق النسيج الاجتماعي.
العمل المشترك: ضرورة تكاتف الجهود بين القوى السياسية والعسكرية الجنوبية لتحقيق تطلعات الشعب.
الاستمرارية: أكد أن المخيم سيظل مفتوحًا وسيشهد تصعيدًا سلميًا منظمًا حتى يتم الاستجابة للمطالب المعلنة.
الأبعاد السياسية لاعتصام طور الباحة
تمثل مديرية طور الباحة ثقلًا استراتيجيًا وعسكريًا كبيرًا، كونها تمثل بوابة الجنوب نحو العمق اليمني، واحتضانها لهذا الزخم الشعبي يحمل رسائل سياسية متعددة الاتجاهات:
رسالة إلى المجتمع الدولي
يوصل المعتصمون رسالة إلى الأمم المتحدة والبعثات الدولية مفادها أن أي حلول سياسية لا تضع قضية شعب الجنوب في صدارة الأولويات، ولا تضمن له حقه في الاستقلال، هي حلول ولدت ميتة ولن يكتب لها النجاح على الأرض.
تجديد التفويض للمجلس الانتقالي
أعلنت الشخصيات الاجتماعية والقبلية والسياسية الموجودة في المخيم ولاءها الكامل ودعمها المطلق لقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة القائد عيدروس الزبيدي. هذا الدعم يعزز من الموقف التفاوضي للمجلس في المحافل الدولية، ويؤكد أنه المفوض الوحيد للتحدث باسم الجنوبيين.
رفض الانهيار الاقتصادي والخدمي
يربط المعتصمون بين المطلب السياسي (الدولة) وبين الواقع المعيشي، حيث يرون أن استعادة الدولة هي المخرج الوحيد من الأزمات الاقتصادية المفتعلة، وانهيار العملة، وتردي الخدمات التي تمارس كأدوات “حرب سياسية” ضد المواطن الجنوبي.
دور القبائل والشخصيات الاجتماعية
لم يقتصر الاعتصام على الجانب السياسي التنظيمي، بل كان للقبائل دور محوري. حيث أكد مشايخ وأعيان الصبيحة أن “دم الجنوبي على الجنوبي حرام”، وأن حماية الأرض والعرض تبدأ من استعادة السيادة الوطنية.
وعبرت الشخصيات الاجتماعية عن فخرها بصمود المعتصمين، مؤكدة أن النضال السلمي هو السلاح الأقوى في مواجهة الترسانات العسكرية، وأن إرادة الشعوب لا تقهر. وأشاروا إلى أن الجنوب اليوم يمتلك قوة عسكرية (القوات المسلحة الجنوبية) تحمي هذه المكتسبات السياسية، مما يجعل حلم الاستقلال أقرب من أي وقت مضى.
الجنوب العربي: نحو استحقاق قانوني وتاريخي
إن المطالبة بإعلان دولة الجنوب العربي ليست وليدة اللحظة، بل هي امتداد لنضال تراكمي بدأ منذ صيف عام 1994. ويرى الخبراء القانونيون المشاركون في الفعاليات أن الوحدة اليمنية انتهت فعليًا وفشلت سياسيًا، وما يطالب به شعب الجنوب هو “فك ارتباط” قانوني يعيد الأمور إلى نصابها قبل عام 1990.
يبقى مخيم اعتصام طور الباحة شعلة جديدة في جسد الثورة الجنوبية، ومع استمرار الحشود في التوافد، يتوقع مراقبون أن تمتد هذه التجربة لتشمل مديريات أخرى، مما يشكل ضغطًا شعبيًا لا يمكن تجاوزه.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا















