في مشهد مهيب يعيد رسم ملامح الإرادة الشعبية الجنوبية، ويجسد عمق الالتفاف الوطني خلف مشروع التحرير والاستقلال، تحولت ساحات العاصمة عدن وكافة محافظات الجنوب العربي إلى مراكز اعتصام مفتوح لا تهدأ.
هذا الحراك، الذي جاء استجابةً لدعوات القيادات المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي، يتجاوز كونه فعالية احتجاجية ليصبح استفتاءً شعبيًا حيًا على استعادة دولة الجنوب العربي بحدود ما قبل عام 1990م.
استجابة شعبية كبرى: الجنوب من المهرة إلى باب المندب
لم تكن الدعوة التي أطلقها المجلس الانتقالي الجنوبي مجرد نداء تنظيمي، بل كانت صاعقًا فجر طاقات شعبية هائلة كانت تنتظر اللحظة التاريخية المناسبة.
من العاصمة عدن، مرورًا بحضرموت والمهرة وشبوة وأبين والضالع ولحج وصولًا إلى سقطرى، توحدت الحناجر والمواقف تحت شعار واحد: “استعادة الدولة خيار لا رجعة عنه”.
مظاهر الحراك في الساحات:
حشود غير مسبوقة: تدفق آلاف المواطنين بمختلف فئاتهم (شباب، نساء، كبار سن) حاملين أعلام الجنوب وصور الشهداء.
تنظيم عالٍ: أظهرت اللجان الميدانية احترافية كبيرة في إدارة الحشود وتأمين الساحات، مما منح الاعتصام طابعًا حضاريًا وسلميًا.
زخم ثوري: تنوعت الفعاليات بين الهتافات الحماسية، والقصائد الشعرية، والندوات السياسية التي رفعت مستوى الوعي الشعبي بمتطلبات المرحلة.
عملية “المستقبل الواعد”: وقود الثورة الشعبية
لا يمكن فصل هذا الاعتصام عن الانتصارات العسكرية الملحمية التي حققتها القوات المسلحة الجنوبية مؤخرًا. لقد كانت عملية “المستقبل الواعد” لتحرير وادي وصحراء حضرموت ومحافظة المهرة بمثابة المحرك الأساسي لهذا الاندفاع الجماهيري.
رسائل الانتصارات العسكرية:
السيطرة والسيادة: إثبات قدرة القوات الجنوبية على حماية وتأمين كامل تراب الجنوب من القوى المعادية والجماعات الإرهابية.
التكامل النضالي: تجسيد التلاحم بين “البندقية” في الجبهات و”الحنجرة” في الساحات، مما يعزز الموقف التفاوضي للقيادة السياسية.
تبديد الأوهام: توجيه رسالة حازمة للداخل والخارج بأن الوجود العسكري الشمالي في الجنوب بات من الماضي، وأن الأرض عادت لأصحابها الحقيقيين.
تجديد التفويض للواء عيدروس الزُبيدي
وسط الهتافات التي هزت أركان الساحات، كان اسم الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي يتردد كرمز للثقة المطلقة. هذا الاعتصام يمثل تجديدًا شعبيًا صريحًا للتفويض الممنوح للمجلس الانتقالي الجنوبي كحامل سياسي وحيد لقضية الجنوب.
دلالات التفويض في المرحلة الراهنة:
الشرعية الشعبية: الرد العملي على المشككين في شعبية المجلس الانتقالي، وإثبات أنه الحاضنة الأكبر والأقوى على الأرض.
دعم خيار إعلان الدولة: المطالبة العلنية من الجماهير للرئيس الزُبيدي باتخاذ الخطوات التاريخية الحاسمة لإعلان فك الارتباط واستعادة السيادة.
وحدة المرجعية: التأكيد على أن أي تسويات إقليمية أو دولية لا تتضمن تطلعات شعب الجنوب هي تسويات ولدت ميتة.
وحدة الصف والمصير: سلاح الجنوب الأقوى
أثبتت هذه الاعتصامات أن الرهان على تمزيق النسيج الاجتماعي الجنوبي قد فشل. إن مشاركة أبناء حضرموت والمهرة جنبًا إلى جنب مع أبناء عدن والضالع ولحج في آن واحد، تعكس وحدة المصير وتجاوز كل التحديات التي فرضتها ظروف الحرب والأزمات الاقتصادية.
ملامح الوعي الجنوبي الجديد:
الإدراك السياسي: وعي الجماهير بأن المرحلة الدولية الراهنة توفر فرصة ذهبية لفرض واقع سياسي جديد.
الصمود الأسطوري: الثبات على المبادئ رغم سياسة “التجويع والخدمات” التي مورست لثني الشعب عن أهدافه.
المشاركة الشاملة: بروز دور المرأة والشباب كقادة للميدان، مما يضمن استمرارية الثورة وانتقالها للأجيال القادمة.
الجنوب نحو لحظة الحسم
إن المشهد في ساحات الجنوب اليوم ليس مجرد اعتصام عابر، بل هو مخاض ولادة دولة الجنوب العربي الفيدرالية المنشودة.
إن هذا الزخم الشعبي المسنود بانتصارات عسكرية كبرى، يضع العالم أمام حقيقة واحدة: شعب الجنوب قرر استعادة دولته، وهو يمتلك الأرض، والقوة، والقيادة، والإرادة الصارمة.
يسير شعب الجنوب اليوم بخطى ثابتة، خلف قيادة الرئيس عيدروس الزُبيدي، نحو تحقيق الهدف التاريخي، مؤكدًا أن زمن التبعية قد ولى، وأن فجر الاستقلال بات يلوح في الأفق القريب، مستمدًا قوته من دماء الشهداء وعزيمة الأحرار المرابطين في الساحات والجبهات.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا














