يشهد الجنوب اليوم مرحلة مفصلية وحاسمة في مسار قضيته الوطنية، بعد أن تمكّنت القوات المسلحة الجنوبية من بسط سيطرتها الأمنية والعسكرية الكاملة على محافظات الجنوب، بما فيها المناطق التي كانت أجزاء منها خاضعة سابقًا لنفوذ قوى الاحتلال اليمني. هذا التحول الميداني لم يكن مجرّد إنجاز عسكري، بل شكّل قاعدة صلبة لانطلاق حراك شعبي واسع، عبّر بوضوح عن إرادة جماهيرية تطالب بالإعلان الرسمي لدولة الجنوب العربي.
وتزامن هذا الزخم الشعبي مع إعلان تأييد ومباركة 16 وزيرًا ورئيس هيئة حكومية جنوبية لكافة الخطوات التي تتخذها القيادة السياسية العليا، ممثلة بالرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، في مسار استعادة الدولة، في مؤشر سياسي بالغ الدلالة يؤكد أن شعب الجنوب يمضي بثبات نحو تقرير مصيره واستعادة استقلاله الثاني، الذي بات – وفق معطيات الواقع – أقرب من أي وقت مضى.
“السيطرة على الأرض… نقطة التحول الحاسمة”
يشكّل إحكام القوات المسلحة الجنوبية سيطرتها على كامل الجغرافيا الجنوبية نقطة التحول الأبرز في مسار القضية، فهو لم يكن مجرد إنجاز ميداني، بل انتقال فعلي من مرحلة الدفاع إلى تثبيت ملامح الدولة وفرض معادلة جديدة في ميزان القوة والسياسة.
ويرى مراقبون أن استعادة الجنوب لأرضه وتأمينها أزال أحد أهم العوائق التي طالما استخدمت لتبرير تجاوز إرادة شعبه، وأثبت أن الجنوب يمتلك القدرة على إدارة شؤونه الأمنية والسياسية، ما منح قضيته مصداقية أقوى لدى الفاعلين الدوليين.
“الحشود الشعبية… تفويض جماهيري لتقرير المصير”
شهدت مختلف محافظات الجنوب خلال اكثر من اسبوعين-خروج حشود جماهيرية واسعة، مطالبة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي، وهو ما يعكس إرادة شعبية جامعة وتفويضًا واضحًا للقيادة السياسية. هذه التحركات السلمية والمنظمة أرسلت رسائل مباشرة إلى الداخل والخارج بأن الجنوب ماضٍ بثبات نحو تقرير مصيره، وأن أي حلول لا تعكس هذا الواقع ستكون غير قابلة للاستمرار.
“دعم مؤسسي… انتقال القرار من الشارع إلى الدولة”
يبرز التأييد الأخير من 16 وزيراً و هيئه حكومية جنوبية، للرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي،كعامل مهم يعكس انتقال الموقف المؤيد للاستقلال من الشارع إلى داخل المؤسسات الرسمية، بما يعزز القناعة بأن خيار الاستقلال بات الأكثر واقعية، ويؤكد استعداد المؤسسات لتحمل مسؤوليات المرحلة المقبلة، بعيدًا عن الصيغ المؤقتة التي أثبتت فشلها.
“قراءة دولية… الجنوب ككيان قائم على الأرض”
أكدت صحيفة «القدس العربي» اللندنية أن استكمال المجلس الانتقالي والقوات الجنوبية سيطرتها الكاملة على أراضي المحافظات الجنوبية جعل قضية استعادة الدولة واقعًا معاشًا على الأرض، ولم يعد ينقصها سوى القرار السياسي والاعتراف الدولي الرسمي.
وأوضحت الصحيفة أن رئيس المجلس الرئاسي اليمني رشاد العليمي فقد أي نفوذ فعلي على الأرض الجنوبية، بما في ذلك القصر الرئاسي في المعاشيق بعدن، حيث غادره وزراء الحكومة ولجأوا إلى الرياض، ما يعكس ضعف السيطرة الحكومية السابقة. كما أشارت إلى أن السيطرة العسكرية السريعة على حضرموت، ضمن عملية أطلق عليها اسم «مستقبل واعد»، أحدثت تحولًا جذريًا في المشهد السياسي والعسكري، حيث تمكنت القوات الجنوبية خلال يومين من السيطرة على كافة المدن والمناطق الاستراتيجية، مؤكدًا أن الإنجاز رسّخ موقف الجنوب كفاعل رئيسي في صناعة القرار على الأرض.
“الاستقلال الثاني… مرحلة قاب قوسين أو أدنى”
تلاقي السيطرة الكاملة على الأرض، والزخم الشعبي الواسع، والتأييد المؤسسي المتنامي، إلى جانب الاهتمام الدولي المتزايد، يشكّل معادلة سياسية متكاملة تؤكد أن شعب الجنوب ماضٍ في طريق تقرير مصيره وإعلان استقلاله الثاني، الذي أصبح قريبًا جدًا.
وأمام هذا الواقع، تبدو القضية الجنوبية في مرحلة متقدمة، حيث تتهيأ الظروف لإعلان دولة الجنوب العربي، مستمدة قوتها وإرادتها من الشعب الجنوبي الذي خرج بالملايين في مختلف المحافظات، مؤكدًا أن الجنوب اليوم قادر على إقامة دولته المستقلة، ويجب التعامل معه وفق هذا الواقع الجديد، وليس مجرد ملف مؤجل في أدراج السياسة.
















