لم تعد قضية شعب الجنوب مجرد ملف داخلي أو قضية يمكن احتواؤها بحلول سياسية مؤقتة؛ بل تجاوزت هذا الإطار لتصبح اليوم في قلب معادلة الأمن الإقليمي والدولي.
إن استعادة دولة الجنوب العربي لم تعد مجرد خيار “انفصالي”، بل ضرورة تفرضها الوقائع على الأرض لملء فراغ السلطة وتأمين الممرات الملاحية العالمية.
حتمية الجغرافيا: الجنوب صمام أمان الملاحة العالمية
يطل الجنوب على مضيق باب المندب، وهو الشريان الذي يمر عبره نحو 7% من الملاحة العالمية و25 ألف سفينة سنويًا.
الأهمية الاستراتيجية: يعتبر الممر الرئيسي لنقل الطاقة من الخليج العربي إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.
تداعيات غياب الدولة: تحول المضيق إلى “خاصرة رخوة” تستخدمها الميليشيات كأداة ضغط سياسي، مما رفع تكاليف التأمين والشحن عالميًا.
الحل الجنوبي: استعادة الدولة تعني وجود قوة وطنية شرعية تمتلك الدافع والمصلحة في تأمين مياهها الإقليمية وحماية التجارة الدولية كالتزام أخلاقي ودولي.
الأمن البحري ومكافحة الإرهاب: الشراكة الموثوقة
يمتد الساحل الجنوبي على مسافة 1800 كيلومتر، وهي مساحة شاسعة تطلبت وجود قوات محلية خبيرة بالجغرافيا والحاضنة الشعبية.
النجاحات الميدانية للقوات الجنوبية:
أثبتت القوات الجنوبية (الحزام الأمني، النخب، والقوات المسلحة الجنوبية) كفاءة عالية في تطهير مناطق استراتيجية من تنظيم القاعدة وداعش:
عملية السهم الذهبي: تحرير العاصمة عدن.
تحرير المكلا (2016): ضربة قاصمة لتنظيم القاعدة في حضرموت.
عمليتا سهام الشرق والجنوب: لتأمين أبين وشبوة.
فشل الدولة المركزية وانهيار مشروع الوحدة
عقدت وحدة عام 1990 بين دولتين مستقلتين، لكنها تحولت بعد حرب 1994 إلى “عقد منقوض” بسبب سياسات الإقصاء والنهب الممنهج.
واقع التفتيت: التفتيت حدث بالفعل نتيجة فشل نظام صنعاء في بناء نموذج وطني، وصعود ميليشيا الحوثي عام 2014 أطلق رصاصة الرحمة على ما تبقى من مفهوم “الدولة المركزية”.
حق تقرير المصير: المطلب الجنوبي يستند إلى ميثاق الأمم المتحدة (قرار 1514) الذي يكفل للشعوب حق تقرير مصيرها، خاصة بعد تعرض “عقد الوحدة” للانتهاك الصارخ.
الآفاق الاقتصادية: من الإغاثة إلى الاستثمار
يمتلك الجنوب موارد كفيلة بتحويله إلى قوة اقتصادية إقليمية:
الموارد الطبيعية: تتركز معظم ثروات النفط والغاز في حضرموت وشبوة.
الموانئ الاستراتيجية: ميناء عدن مؤهل ليكون مركزًا لوجستيًا عالميًا لمناولة الحاويات وإعادة الشحن.
الرؤية الجديدة: دولة الجنوب المستقلة ستقوم على الحوكمة والشفافية، مما يجذب الاستثمارات الأجنبية ويحول المنطقة من “عبء إغاثي” إلى “شريك منتج”.
الهوية والمدنية: استعادة النمط الحضاري
يتميز الجنوب بإرث ثقافي ومدني منفتح، خاصة في مدن مثل عدن والمكلا، حيث ساد النظام والقانون والتنوع الثقافي قبل عام 1990. استعادة الدولة هي في جوهرها حماية لهذه الهوية المدنية من التذويب في الثقافات القبلية المتطرفة التي حاولت قوى الشمال فرضها.
الطريق إلى الاستقرار الدائم
إن دعم المجتمع الدولي لاستعادة دولة الجنوب المستقلة هو استثمار ذكي في الأمن العالمي. المقارنة بين السيناريوهات واضحة:
استمرار فرض الوحدة: يعني استمرار الفوضى، وتنامي الإرهاب، وتهديد الملاحة.
قيام دولة الجنوب: يعني تأمين البحار، وتجفيف منابع التطرف، وتحقيق نهضة اقتصادية شاملة.
لقد حان الوقت للاعتراف بأن استقرار الإقليم يبدأ من استقرار الجنوب وتمكين شعبه من بناء دولته الحرة المستقلة على حدود ما قبل 22 مايو 1990.
انضموا لقناة عرب تايم الإخبارية علي تيليجرام وتابعوا اهم الاخبار في الوقت المناسب.. اضغط هنا
















