(أولاً) ماهر البرشا:
«هذا أبي رجلٌ مُزين الأنف، والشهامة، والكبرياء. يقف شامخًا كالجبال، لا تهزه الريح، ويمضي حياته بنبل لا يعرف الباطل. في ملامحه ترى حكمة السنين، وفي كلماته ذابت دروس الحياة. رجل لا يجيد التظاهر لأن طبيعته أجمل من أي قناع.
والدي هو المعنى الحقيقي للرجولة، الرجل الذي لا يقول الكثير، لكن وجوده يكفي لملء المكان بالكرامة والاحترام. كلماته محسوبة، ومواقفه دائماً أبلغ من أي كلام. هو الذي علمني أن الكرامة لا تشترى، وأن الكبرياء هو أن يحترم المرء نفسه دون التعدي على الآخرين.
في وجهه ترى التاريخ، وفي خطواته تسمع صدى الأجيال الماضية، لكنه يعيش الحاضر دائماً بروح متفائلة وإصرار لا يكل. إنه رجل يحمل في قلبه أصالة الماضي وحكمة الحاضر، فيعطي بغير حساب، لأنه يؤمن أن العطاء قيمة لا تقدر بثمن.
كلما نظرت إلى والدي أشعر أنني أمام لوحة رسمتها الحياة بدقة، تجسد معنى العظمة الحقيقية. فهو الملجأ والقدوة، وهو الفخر الذي أحمله أينما ذهبت.
ولمن لا يعرفه، فإن هذا الرجل الذي تستطيع أن ترى في وجهه قصة الفخر، هو والدي، وهو المصدر الذي أستمد منه القوة والإلهام.