تكاد بعض وسائل الإعلام توهم الرأي العام بأن معركة “طوفان الأقصى” محسومة ولصالح الكيان، ترويجا لحقيقة انهيار محور المقاومة بعد إعلان وقف القتال في لبنان والقوات المسلحة. التحول الذي تشهده سوريا، مؤكداً أن اليمن يبقى وحيداً في هذه المعركة وأن دوره سيأتي لا محالة.. وهي صورة إعلامية تخدم بشكل واضح جداً العرض الصهيوني لتداعيات عدوانه على غزة في محاولة منه وتبشر بانتصارها القادم وتعيد تشكيل خريطة الشرق الأوسط كما تريد.
وتكذب هذه الفرضية الحقائق التالية:
أولاً: لم تهزم المقاومة في غزة، بل تواصل استهداف ضباط وجنود العدو بشكل يومي، وتحول ركام المباني المدمرة إلى تحصينات تنطلق منها عمليات نوعية في شمال القطاع وجنوبه. ويكفي أن قوات العدو فقدت خلال اليومين الماضيين ضابطين وجنديين من قوات “النحال” في بيت حانون شمال قطاع غزة، بينهم قائد سرية ونائبه، كما دمرت دبابة معادية بقصف مدفعي. صاروخ “شواز” وآخر بصاروخ شرق معسكر “الصفتاوي” في نفس القطاع، واغتصاب “سديروت” “في قطاع غزة تعرضت لهجوم صاروخي من داخل القطاع أدى إلى تدميره” من المبنى، كما العدو اعترف…
– ثانياً: المقاومة أصبحت أكثر شراسة في الضفة الغربية، حيث جرت أمس عملية بطولية أصابت فيها المقاومة 9 مستوطنين في مستوطنة “كدوميم”، قُتل 3 منهم، وعادوا إلى قواعدهم سالمين. كما اشتبكت سرية الفارعة في الضفة الغربية في معارك عنيفة مع العدو في مخيم الفارعة. ولم تظهر نتائجه بعد.
ثالثاً: أصبح جنود العدو المسرحون غير آمنين داخل الكيان من خلال الآثار النفسية والجسدية التي عادوا إليها من غزة، وخارجه من خلال ملاحقتهم من قبل العديد من المؤسسات والجمعيات الدولية في جنوب أفريقيا وبلجيكا والبرازيل وسريلانكا وغيرها بتهمة ارتكاب جرائم. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مثل هروب الجندي من البرازيل. وبعد أن لاحقه القضاء البرازيلي بتهمة ارتكاب جرائم حرب، تمت ملاحقته مرة ثانية في الأرجنتين التي فر إليها بنفس التهمة، وكان ذلك بدعوة من مؤسسة “هند”. “رجب” يقيم في بلجيكا باسم هذه الطفلة البالغة من العمر خمس سنوات والتي قتل الصهاينة عائلتها بأكملها في 29 يناير 2024، بصاروخ دبابة أطلق على سيارتهم. وعندما بقيت وحيدة بين جثث ذويها تستغيث عبر الهاتف، قاموا بتدمير سيارة المسعفين المتوجهين إليها، وتركت وحيدة حتى فارقت الحياة بعد 12 يوما من ارتكاب هذه الجريمة ضد الإنسانية.
رابعاً: لم تتوقف الجبهة اليمنية عن الصمود في وجه التحالف الصهيوني الأمريكي الغربي حتى يومنا هذا، رغم كل المحاولات الرامية إلى هزيمته. وفي 6 يناير/كانون الثاني، كتبت صحيفة فورين بوليسي مقالاً بعنوان “الحوثيون لا رادع”، ذكرت فيه أن الولايات المتحدة تخسر كل شهر في البحر الأحمر: 570 مليون دولار. لكن اليمنيين لم يتراجعوا عن دعم غزة. وتساءل كاتبا المقال بيث سانر وجينيفر كافنا، المتخصصتان في الشؤون العسكرية والمقربتان من إدارة ترامب السابقة، عن مدى قدرة الإدارة الأخيرة القادمة على التعامل مع مثل هذا الوضع المعقد…
خامساً: رغم ما يوصف بـ”تخلي” المقاومة اللبنانية عن دعم غزة، إلا أن إعادة تنظيم حزب الله لصفوفه تزامناً مع المناورات الإيرانية الجارية حالياً لحماية منشآته النووية، تشير إلى أن هذه الجبهة لم تنسحب بعد من المعركة ويمكن أن تعود في أي وقت. الوقت في المستقبل. …
هذه الحقائق وغيرها تبين أن معركة “طوفان الأقصى” لم تقل كلمتها النهائية بعد، وأن السعداء بالانتصار الصهيوني الكامل إنما هم يستعجلون الأحداث ويتحركون ضمن منطق الحسابات القديمة للتفوق الصهيوني التي لقد عفا عليها الزمن بعد انتصار 7 أكتوبر 2023، بكل ما يحمله من انعكاسات على الحاضر والمستقبل. كيان…
جريدة الشروق الجزائرية